كتاب طبقات الحنابلة - لابن أبي يعلى - ت الفقي (اسم الجزء: 2)

المتكلفين والحق ما جاء من عند اللَّه عز وجل والسنة ما سنه رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والجماعة ما اجتمع عيه أصحاب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خلافة أَبِي بكر وعمر وعثمان ومن اقتصر عَلَى سنة رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وما كَانَ عَلَيْهِ أصحابه والجماعة: فلج عَلَى أهل البدعة كلهم واستراح بدنه وسلم لَهُ دينه إن شاء اللَّه لأن رسول اللَّه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وسلم - قَالَ: " ستفترق أمتي " وبين رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الفرقة الناجية منها فَقَالَ: " ما أنا عَلَيْهِ وأصحابي " فهذا هُوَ الشفاء والبيان والأمر الواضح والمنار المستقيم وَقَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إياكم والتنطع وإياكم والتعمق وعليكم بدينكم العتيق ".
واعلم أن الدين العتيق: ما كَانَ من وفاة رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى قتل عثمان بْن عفان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ قتله أول الفرقة وأول الاختلاف فتحاربت الأمة وافترقت واتبعت الطمع والهوى والميل إلى الدنيا.
وليس لأحد رخصة فِي شيء أخذ به مما لم يكن عليه أصحاب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو يكون رجل يدعو إلى شيء أخذ به من قبله أو من قبل رجل من أهل البدع فهو كمن أحدثه ممن زعم ذَلِكَ وَقَالَ به فقد رد السنة وخالف الحق والجماعة وأباح الهوى وهو أشر عَلَى هَذِهِ الأمة من إبليس ومن عرف ما ترك أهل البدع من السنة وما فارقوا منها فتمسك به: فهو صاحب سنة وجماعة حقيق أن يتبع وأن يعاون ويحفظ وهو ممن أوصى به رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
واعلموا أن أصول البدع أربعة أبواب يتشعب من هَذِهِ الأربعة اثنان وسبعون هوى ويصير كل واحد من البدع يتشعب حتى تصير كلها إلى ألفين وثمانمائة كلها ضلالة وكلها فِي النار إلا واحدة وهو من آمن بما فِي هَذَا الكتاب واعتقده من غير ريبة فِي قلبه ولا شكوك فهو صاحب سنة وهو ناج إن شاء اللَّه تعالى.

الصفحة 32