كتاب طبقات الحنابلة - لابن أبي يعلى - ت الفقي (اسم الجزء: 2)

واعلم أن الناس لَوْ وقفوا عند محدثات الأمور ولم يجاوزوها بشيء ولم يولدوا كلاما مما لم يجيء فِيهِ أثر عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا عن أصحابه: لم تكن بدعة.
واعلم أنه ليس بين العبد وبين أن يكون مؤمنا حتى يكون كافرا: إلا أن يجحد شيئا مما أنزل اللَّه أو يزيد فِي كلام اللَّه أو ينقص أو ينكر شيئا مما قَالَ اللَّه عز وجل أو شيئا مما تكلم به رسول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فاتق اللَّه وأنظر لنفسك وإياك والغلو فِي الدين فإنه ليس من شرط الحق فِي شيء.
وجميع ما وصفت لك فِي هَذَا الكتاب: فهو عن اللَّه تعالى وعن رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعن أصحابه وعن التابعين وعن القرن الثالث إلى القرن الرابع.
فاتق اللَّه يا عبد اللَّه وعليك بالتصديق والتسليم والتفويض والرضى بما فِي هَذَا الكتاب ولا تكتم هَذَا الكتاب أحدا من أهل القبلة فعسى اللَّه أن يرد به حيران من حيرته أو صاحب بدعة من بدعته أو ضالا عن ضلالته فينجو به.
فاتق اللَّه وعليك بالأمر الأول العتيق وهو ما وصفت لك فِي هَذَا الكتاب.
فرحم اللَّه عبدا ورحم والديه قرأ هَذَا الكتاب وبثه وعمل به ودعا إليه واحتج به فإنه دين اللَّه ودين رسوله وإنه من استحل شيئا خلافا لما فِي هَذَا الكتاب فإنه ليس يدين اللَّه بدين وقد رده كله كما لَوْ أن عبدا آمن بجميع ما قَالَ اللَّه عز وجل إلا أنه شك في حرف: فقد رد جميع ما قَالَ اللَّه وهو كافر كما أن شهادة إن لا إله إلا اللَّه: لا تقبل من صاحبها إلا بصدق النية وخالص اليقين وكذلك لا يقبل اللَّه شيئا من السنة فِي ترك بعض ومن خالف ورد من السنة شيئا فقد رد السنة كلها فعليك بالقبول ودع عنك المحال واللجاج فإنه ليس من دين اللَّه فِي شيء وزمانك خاصة زمان سوء فاتق اللَّه.

الصفحة 33