كتاب طبقات الحنابلة - لابن أبي يعلى - ت الفقي (اسم الجزء: 2)

فقام إِلَيْهِ رجل فَقَالَ لَهُ رضي اللَّه عنك وما الَّذِي تريد؟ فَقَالَ لَهُ: وما حملك عَلَى المسألة عن ذَلِكَ وأنا أقول ذَلِكَ منذ أربعين سنة فما سألني أحد عَنْهُ فأقسم عَلَيْهِ فَقَالَ: هُوَ يعلم أني ما أريد فِي الدنيا والآخرة سواه.
وَقَالَ ابْن عليك الزيات: أضقت فِي بعض الأوقات ضيقة شديدة فجلست فِي غرفتي مغموما مفكرا فَإِذَا الشيخ يناديني يا عبد اللَّه وَكَانَ من غرفة ابْن بشار إلى غرفته طريق قَالَ فأجبته فَقَالَ تعال فمضيت إِلَيْهِ فَقَالَ: إيش هَذَا الغم الشديد عَلَى الدنيا أنت مضيق أنت مضيق عَلَى الدنيا وليس معك شيء؟ قُلْتُ: نعم قَالَ فمن لم يكن معه شيء يغتم هَذَا الغم فَقَالَ لي خذ عليك ما تحتاج إِلَيْهِ والبس نعلك وامش عَلَى الشط إلى أن يلقاك رزقك فخذه واذكر اللَّه. قَالَ: فبقيت مفكرا فِي قوله إلا أنه لم يمكني مخالفته فخرجت أذكر اللَّه ولزمت الشط إلى أن وصلت إلى الجسر الفوقاني فَإِذَا برجل يناديني: يا عبد اللَّه فأجبته فدفع إلى أربعين درهما وورقا فَقَالَ انسخ لي كتابا سماه وأجلسني فِي سمارية ورجعت فلما صعدت ناداني بشار يا عبد اللَّه قُلْتُ: لبيك قَالَ: أخذت أربعين درهما ومن الورق كذا وكذا وَقَالَ لك: انسخ الكتاب الفلاني؟ قُلْتُ: نعم قَالَ: لَوْ صبرت لجاءك إلى الباب.
وَقَالَ أَحْمَد البرمكي: سمعته يوما وقد قام من المجلس الأول إلى المجلس الثاني لأهل القلوب وقد تحرك سره فَقَالَ: قوموا بنا إلى الجنة ثُمَّ صبر قليلا ثُمَّ قَالَ: أو إلى النار أو يعفو اللَّه فَقَالَ لَهُ رجل من أهل المجلس: هبك أنت رضي اللَّه عنك مستوجب لِذَلِكَ نحن إيش؟ فقال: دعوا عنكم كل أهل مذهب يجمع اللَّه محسنهم ومسيئهم فِي دار واحدة.
وحضرت مجلسه فِي يوم الأربعاء وجلست فِي أقصى الدار وَكَانَ يختم مجلسه يقول: لا إله إلا الله وذا النون اذهب مغاضباً

الصفحة 60