كتاب طبقات الحنابلة - لابن أبي يعلى - ت الفقي (اسم الجزء: 2)
وَقَالَ لنا أَبُو العباس بْن يونس: كَانَ آية من آيات اللَّه فِي الحفظ.
وَقَالَ لنا أَبُو الحسين العروضي: كَانَ يتردد ابْن الأنباري إلى أولاد الراضي فكان يوما من الأيام وقد سألته جارية عن شئ من تفسير الرؤيا فَقَالَ: أنا حاقن ثُمَّ مضى فلما كَانَ من غد عاد وقد صار معبرا للرؤيا وذاك أنه مضى من يومه وقد درس كتاب الكرماني وجاء.
قَالَ: وَكَانَ ابْن الأنباري يأخذ الرطب يشمه ويقول: أما إنك لطيب وَكَانَ أطيب منك حفظ ما وهب اللَّه لي من العلم.
قَالَ مُحَمَّد بْن جَعْفَر: ومات ابْن الأنباري ولم نجد من تصنيفه إلا شيئا يسيرا وذاك أنه كَانَ يملي من حفظه وقد أملى كتاب غريب الحديث قِيلَ إنه خمس وأربعون ألف ورقة وكتاب شرح الكافي وهو نحو ألف ورقة وكتاب الهاءات وهو نحو ألف ورقة وكتاب الأضداد وما رأيت أكبر مِنْهُ وكتاب المشكل أملاه وبلغ إلى سورة طه وما أتمه والجاهليات تسعمائة ورقة والمذكر والمؤنث ما عمل أحد أتم مِنْهُ وعمل رسالة المشكل ردا عَلَى ابْن قتيبة وأبي حاتم وتقصاً لقولهم.
وحدثت عَنْهُ أنه مضى يوما إلى النخاسين وجارية تعرض حسنة كاملة الوصف قَالَ: فوقعت فِي قلبي ثُمَّ مضيت إلى دار أمير المؤمنين الراضي فَقَالَ لي: أين كنت إلى الساعة؟ فعرفته فأمر بعض أسبابه فمضى فاشتراها وحملها إلى منزلي فجئت فوجدتها فعلمت الأمر كيف جرى فقلت لها: كوني فوق إلى أن أستبرئك وكنت أطلب مسألة قد اختلت علي فاشتغل قلبي عن علمي فقلت للخادم: خذها أمضي بها إلى النخاسين فليس قدرها أن يشتغل بها قلبي عن علمي فأخذها الغلام فقالت: دعني أكلمه بحرفين فقالت: أنت رجل لك محل وعقل فَإِذَا أخرجتني ولم تبين لي ذنبي لم آمن أن يظن الناس بي ظنا قبيحا فعرفنيه قبل أن تخرجني فقلت لها: مالك عندي عيب إنك
الصفحة 71
318