كتاب توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 2)
فثناء الله- عز وجلّ- على سليمان -عليه السلام - لفهمه الواقعة ووجه الحكم فيها (¬1) يؤكد أهمية تفسير الواقعة وتصورها لتوصيفها والحكم فيها.
كما أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على خالد بن الوليد -رضي الله عنه - قتله لبعض بني جذيمة؛ لعدم استفساره لهم عن مرادهم من كلمة مشكلة أطلقوها؛ فعن ابن عمر -رضي الله عنه - أَنَّه قال: "بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فلم يحسنوا أَنْ يقولوا أسلمنا، فقالوا: صبأنا، فجعل خالد يقتل ويأسر ... فذكرنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: اللَّهُمَّ إنِّي أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد، مرتين" (¬2)، فقد حمل خالد -رضي الله عنه - معنى قولهم: "صبأنا" على خروجهم من دين إلى دين غير الإِسلام، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنكر عليه الأخذ بهذا الظاهر قبل الاستفسار عن المراد به (¬3)؛ قال ابن حجر (ت: 852 هـ): "قوله: "اللَّهُمَّ إنِّي أبرأ إليك مما صنع خالد" يعني مِن قتلِه الذين قالوا: "صبأنا"ـ قبل أَنْ يستفسرهم عن مرادهم بذلك القول" (¬4)، فدَلَّ على أَنّه لا بُدَّ من تفسير الواقعة
¬__________
(¬1) أحكام القرآن لابن العربي 3/ 270، تبصرة الحكام 1/ 2.
(¬2) رواه البخاري (الفتح 8/ 56، 13/ 181)، وهو برقم 4339، ورقم 7189.
(¬3) فتح الباري 8/ 56، 13/ 181.
(¬4) المرجع السابق 13/ 182، وانظر مزيدًا من الأدلة والأمثلة في: إعلام الموقعين 1/ 350 وما بعدها.