كتاب توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 2)

وفهمها قبل توصيفها والحكم فيها.
وقد أوصى عمر -رضي الله عنه - القضاة بفهم الواقعة وتفسيرها في كتابه الذي بعثه إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه -؛ فقال: "فافهم إذا أدلي إليك" (¬1)، وقال: "الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك" (¬2).
فلا بُدَّ لفهم الواقعة وتصورها من تفسيرها، فالمطلوب من الحاكم كما يقول ابن القَيِّمِ (ت: 751 هـ): "أَنْ يعلم ما يقع، ثم يحكم فيه بما يجب" (¬3).
وقد ذكر الفقهاء جملة من الآداب للقاضي تعود لفهم الواقعة، وتصورها، وتفسيرها، من ذلك: كون القاضي عارفًا بلغة ولهجات البلد التي يلي الحكم فيها (¬4)، يقول ابن المناصف (ت: 620 هـ) - في شروط الكمال الذي القاضي-: "أَنْ يكون عارفًا بما لا بُدَّ منه من العربية، واختلاف المعاني للعبارات فإنَّ الأحكام تختلف
¬__________
(¬1) رواه الدارقطني في سننه 2/ 111 وهو رقم 4426، والبيهقي في السنن الكبرى 10/ 150، وصححه الألباني في الإرواء 8/ 241، وهو قطعة من خطاب عمر -رضي الله عنه - الموجه إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه - والذي رواه أبو المليح الهذلي، وقوى الشيخ أحمد شاكر إسناده عن سفيان بن عيينة عن إدريس [انظر: تعليق أحمد شاكر على المحلى لابن حزم 1/ 60].
(¬2) المصادر نفسها في الهامش السابق.
(¬3) إعلام الموقعين 1/ 105.
(¬4) شرح المنتهى 3/ 468، المجموع 1/ 82.

الصفحة 144