كتاب توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 2)

وأسراره ... وبالجملة فهذا من أسرار الفقه، ومراعاة الأوصاف التي تترتب عليها الأحكام، وترتيب مقتضى كل وصف عليه، ومن تأمل الشريعة أطلعته من ذلك على أسرار وحكم تبهر الناظر فيها" (¬1).
ولا يختص تجزئة الأحكام وتبعيضها بالنسب، بل يشمل صورًا غيرها؛ قال ابن سعدى (ت: 1376 هـ): "قد تتبعض الأحكام بحسب تفاوت أسبابها، وهذه قاعدة لطيفة تستدعي معرفة مآخذ المسائل، ومعرفة عللها وحكمها، فتترتب آثارها عليها بحسب ذلك" (¬2)، وذكر لذلك أمثلة منها:
في الشهادات: إذا شهد رجل وامرأتان، أَوْ رجل عدل وحلف معه صاحب الحق ثبت المال؛ لتمام نِصَابه، دون القطع؛ لأَنَّه لا يثبت إلَّا برجلين.
ومنها: إذا أَقَرَّ السارق بالسرقة مرة واحدة فقد ثبت المال دون القطع؛ لأَنَّه لا بُدَّ فيه من إقرار مرتين.
ومنها: مسائل تفريق الصفقة في البيوع، والإجارات والشركات، والتبرعات وغيرها إذا جمع في العقد بين مباح ومحرم، أَوْ بين ما يملك العقد عليه وما لا يملك صَحَّ في المباح وما يملك
¬__________
(¬1) شرح سنن أبي داود 6/ 366 - 368، وانظر في المعنى نفسه: بدائع الفوائد 4/ 129، الاختيارات 278، فتح الباري 12/ 38.
(¬2) القواعد والأصول الجامعة 75.

الصفحة 379