كتاب توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 2)
فتَوْصِيف الواقعة بتوصيفين متفقين في الحكم القضائي سائغ؛ لأَنَّ اجتماع الأدلة على المدلول الواحد مما يزيدها قوة.
يقول ابن تَيْمِيَّةَ (ت: 728 هـ): " ... وهكذا يقال في اجتماع الأدلة على المدلول الواحد: أنها توجب علمًا مؤكدًا أَوْ علومًا متماثلة، ومن هنا يحصل بها من الإيضاح والقوة ما لا يحصل بالواحد" (¬1).
وثَمَّ سؤال يرد على ذلك، وهو إذا كان أحد التوصيفين ثبت حالًا، والآخر يحتاج إلى عقد جلسات للنظو فيه وإثباته، فهل يسوغ متابعته؟
والجواب؛ أَنَّه لا يسوغ تتبع ما لا يَتَوَقَّفُ الحكم عليه، ويقوم غيره مما ثبت مقامه؛ لما في ذلك من تأخير الحكم في القضية، وإتعاب الخصوم فيما لا يَتوَقَّفُ الحكم عليه، والقاضي مطلوب منه حذف التطويل، ورفع التشتيت؛ يقول ابن العربي (ت: 543 هـ): "وقد يكون الرجل يأتي القضاء من وجهه باختصار من لفظه، وإيجاز في طريقه بحذف التطويل، ورفع التشتيت، وإصابة المقصود" (¬2).
ويقول الشيخ محمد بن إبراهيم (ت: 1389 هـ): " ... فعلى القاضي أَنْ يسلك أقرب الطرق التي تُنهِي القضية، ولا يطيل على
¬__________
(¬1) مجموع الفتاوى 10/ 175
(¬2) أحكام القرآن 4/ 34.