كتاب توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 2)

ويستنبط منها ما يتلاءم مع الواقعة، مع لحظ عدم ما يعارضها، ثم يقوم بمطابقة الحكم الكلي على الواقعة القضائية بواسطة القياس القضائي، فإذا اشتركا في الأوصاف المؤثرة اتفقا في النتيجة، وهي تَوْصِيف الواقعة بالحكم الكلي.
فالخصوم يقدِّمون للقاضي الوقائع والبينات التي تمده بأسباب ثبوت الوقائع أَوْ انتفائها، وهو يقدم الحكم الكلي الملاقي للدعوى والذي يبين أوصافها ويطبق أحدهما على الآخر بعد تفسيرهما (¬1).
يقول ابن القَيِّمِ (ت: 751 هـ): "الحاكم محتاج إلى ثلاثة أشياء لا يَصِحُّ الحكم إلَّا بها: معرفة الأدلة، والأسباب، والبينات؛ فالأدلة تُعَرِّفُه الحكم الشرعي الكلي، والأسباب تُعَرِّفُه ثبوته في هذا المحل المعين وانتفاءه عنه، والبينات تُعَرِّفُه طريق الحكم عند التنازع" (¬2).
فوظيفة القاضي التحقّقُ من ثبوت الوقائع المؤثرة وتفسيرُها، وتحديدُ الحكم الملاقي لها وتفسيرُه، وتَوْصِيفُ الواقعة بالحكم الكلي ملتزمًا في ذلك بالدعوى، والإِجابة، والدفوع، والطلبات،
¬__________
(¬1) مزيل الملام 111 - 121، أحكام القرآن لابن العربي 1/ 277، تبصرة الحكام 2/ 56، شرح عماد الرضا 1/ 59، أدب القضاء 385، 395، 396، إعلام الموقعين 4/ 174، الاعتصام 2/ 161، وما سبق في وظيفة الشاهد والخصم في التَّوْصِيف، وذلك في المبحث الأول والثاني من هذا الفصل.
(¬2) بدائع الفوائد 4/ 12.

الصفحة 434