كتاب توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 2)
الأوصاف المتفق عليها والمختلف فيها بين الخصمين، والمضي في إثباتها واستنباطها وتوصيفها (¬1).
ومما يعينه في هذا الباب مطالعة كتب النوازل فتوىً وقضاءً، واطلاعه على أقضية من سبقه، والتعرّف على طريقة تنزيل الأحكام الكلية على الوقائع الجزئية (¬2).
إنَّ العمل القضائي يتطلب مهارة تستوعبه حتى لا يُفْسِد القاضي أكثر مما يصلح؛ يقول الشافعي (ت: 204 هـ) في المفتي: "المستفتي عليل، والمفتي طبيب، فإن لم يكن ماهرًا بالطب، وإلَّا قتله" (¬3)، وهكذا القاضي.
إنَّ الاجتهاد في تَوْصِيف الوقائع لا يُستغنى عنه بالتقليد، بل هو فريضة في كل نازلة؛ لأنَّ كل واقعة قضائية نازلة مستأنفة لم يسبق لها مثيل في التَّوْصِيف فتحقيق المناط فيها متجدد لا ينضبط بمناط واحد، فلا يمكن التقليد فيها؛ يقول الشاطبي (ت: 790 هـ): "لا يمكن أن يُستغنى ههنا بالتقليد؛ لأَنَّ التقليد إنَّما يُتصور بعد تحقيق مناط الحكم المقلد فيه، والمناط هنا لم يتحقق بعد؛ لأن كل صورة من صور النازلة نازلة مستأنفة في نفسها لم يتقدم لها نظير، وإن تقدم
¬__________
(¬1) الفروق 2/ 157، 3/ 102، مجلة الأحكام العدلية (م 1793)، السيل الجرار 4/ 263.
(¬2) الروض المربع 7/ 524، الفكر السامي 2/ 428، فتاوى ورسائل 12/ 333.
(¬3) الفقيه والمتفقه 2/ 86.