كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 2)

3 - وعنْ أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابن آدم: إنك أن تبذلَ الفضلَ (¬1) خير لك، وأن تمسكهُ شر لك، ولاتلام على كفافٍ (¬2)، وابدأ بمن تعول (¬3)، واليد العليا خير من اليد السُّفلى. رواه مسلم والترمذي.
(الكفاف) بفتح الكاف ما كف عن الحاجة إلى الناس مع القناعة لا يزيد على قدرا لحاجة.
(والفضل): مازاد على قدر الحاجة.

4 - وعنْ أبي الدَّرْداءِ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما طلعت شمسُ قطُّ إلا وبجنبيْها ملكان يناديان: اللهمَّ من أنفق فأعقبه خلفاً، ومنْ أمْسك فأعقبه تلفاً. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه، والحاكم بنحوه، وقال: صحيح الإسناد، والبيهقي من طريق الحاكم، ولفظه في إحدى رواياته قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ يومٍ طلعت شمسهُ إلا وبجنبيها ملكان يناديان نداءً يسمعه خلق الله كلُّهمْ غير الثَّقلين (¬4): يا أيها الناس: هلمُّوا (¬5) إلى ربِّكم إنَّ ما قلَّ وكفِى خير مما كثر وألهى، ولا ابتِ الشمس إلا وكان بجنبيها ملكان يناديان نداءً يسمعه خلق الله كلُّهُمْ غير الثَّقلين: اللهم أعط منفقاً خلفاً وأعط ممسكاً تلفاً، وأنزل الله في ذلك قرآنا في قول الملكين: يا أيها الناس هلمُّوا إلى ربكم، في سورة يونس: والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم: وأنزل في قولهما: اللهمَّ أعط منفقاً خلفاً، وأعط ممسكاً تلفاً: والليل إذا يغشى والنَّهار إذا تجلَّى وما خلق الذكر الذكر والأنثى إلى قوله (¬6) للعسرى.

5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جنَّتان من حديدٍ من ثديِّهما إلى تراقيهما، فأمَّا المنفق: فلا ينفق إلا سبغتْ، أو وفرت على جلده حتى تخفى بنانه وتعفو
¬_________
(¬1) الزائد عن حاجتك، وأهل بيتك، وإنفاقه خير لك لبقائه لك ثوابا جزيلا عند ربك جل وعلا، والبخل به تعب وكدر في حفظه، ويسألك الله عن عدم إتفاقه. في ع بلا قط.
(¬2) لا عتاب ولا حساب على الفقير الذي لا يملك شيئاً، والكفاف: القلة فيه الدعوة إلى الإحسان والصدقة، واطمئنان الفقير من العذاب على وجود النعم (ولتسألن يومئذ عن النعيم).
(¬3) تجب نفقته عليك من أن وزوجة وأهل. قال النووي. فيه تقديم نفقة نفسه وعياله لأنها منحصرة فيه، بخلاف نفقة غيرهم أهـ ص 125 جـ 7.
(¬4) الإنس والجن.
(¬5) أقبلوا على ربكم بطاعته.
(¬6) إن سعيكم لشتى فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى، وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى.

الصفحة 49