كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 2)

2 - وعنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ المسجد، فإذا هو برجلٍ من الأنصار يقال له: أبو أمامة جالساً فيه، فقال: يا أبا أمامة مالي أراك جالساً في المسجد في غير وقت صلاةٍ؟ قال: هموم (¬1) لزمتني وديونٌ يا رسول الله. قال: أفلا أعلمك كلاماً إذا قلته أذهب الله عزَّ وجلَّ وهمك، وقضى عنك دينك؟ فقال: بلى يا رسول الله؟ قال قل: إذا أصبحت، وإذا أمسيت: اللهمَّ (¬2) إني أعوذك بك من الهمِّ والحزن، وأعوذ بك من العجز (¬3) والكسل، وأعوذ بك من البخل والجبن، وأعوذك بك من غلبة الدَّين، وقهر (¬4) الرِّجال قال: فقلت ذلك، فأذهب الله عزَّ وجلَّ همِّي، وقضى عني ديني. رواه أبو داود.

3 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذٍ: ألا أعلمك دعاء تدعو به لوْ كان عليك مثل جبل أحدٍ ديناً لأدَّاه الله عنك؟ قلْ يا معاذ: اللهمَّ مالك (¬5) الملك تؤتي (¬6) الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعزُّ (¬7) من تشاء، وتذلُّ من تشاء بيدك الخير (¬8) إنك على كلِّ شيءٍ قديرٌ. رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطيهما من تشاء، وتمنع منهما من تشاء ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك. رواه الطبراني في الصغير بإسناد جيد.

4 - وروي عن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم افتقده يوم الجمعة، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى معاذاً، فقال: يا معاذ مالي لمْ أرك؟ فقال: يا رسول الله، ليهوديِّ عليَّ أوقيَّةٌ من تبرٍ فخرجت إليك فحبسني عنك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معاذ ألا أعلِّمك دعاءً تدعو به، فلوْ كان عليك من الدين مثل صبيرٍ أدَّاه الله عنك.
¬_________
(¬1) كروب وغموم متصلة بي.
(¬2) يا الله.
(¬3) للضعف والفتور.
(¬4) غلبة.
(¬5) أنادي الذي يتصرف فيه تصرف الملاك فيما يملكون.
(¬6) تعطي منه ما تشاء من تشاء وتسترد، فالملك الأول عام والآخران بعض منه، وقيل المراد بالملك النبوة ونزعها: نقلها من قوم إلى قوم.
(¬7) في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما بالنصر والإدبار والتوفيق والخذلان.
(¬8) ذكر الخير وحده لأنه المقتضي بالذات، والشر مقضي بالعرض إذ لا يوجد شر جزئي ما لم يتضمن خيرا كليها أو لمراعاة الأدب في الخطاب.

الصفحة 614