كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

وإذا أذَّن واحد كفى عن الباقين، وإذا قضى فوائت في وقت واحد أذَّن للأولى وحدها، وأقام لكل صلاة. وإذا جمع بين الصلاتين، أدن للأولى وحدها، وأقام لكل واحدة، وأما غير الصلوات الخمس
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وغيره ولا ينافيه قول القاضي أبي الطيب عن عامة الأصحاب فيمن دخل مسجدا قبل إقامة الصلاة أو بعده يجزيه أذان المؤذن وإقامته لأنا نقول بموجبه من الإجزاء حتى لا يكره تركهما وإنما الكلام في الاستحباب ولا تعرض منهم لنفيه بل لإثباته لأن هذا هو شأن سنة الكفاية كفرضها لكن في شرح مسلم للمصنف أن من سمع أذان الجماعة لا يشرع له وقواه الأذرعي والزركشي قال ابن حجر وينبغي حمله على أن مراده لا يتأكد حتى لا يكره له تركه أو على ما إذا أراد الصلاة معهم ويحمل الاستحباب على خلافه اهـ. قوله: (وَلَوْ أَذّنَ وَاحدٌ كَفى عَنِ الباقِينَ) لأنه سنة كفاية كابتداء الإسلام وفرع الزركشي على كونه سنة كفاية أنه لو أذن واحد لجمع لم يسن لكل منهم أن يؤذن والظاهر أنه مبني على ما تقدم عن شرح مسلم وإلَّا فالقياس ندبه لكل كما أن التسمية سنة كفاية على الأكمل فإذا أتى بها أحد الآكلين لا يقال للبقية لا يسن لكم الإتيان بها بل يقال سقط عنكم حرج تركها فقط وفرق ظاهر بين المقامين ولو أذن واحد في جانب فقط من قرية كبيرة حصلت السنة في ذلك الجانب فقط. قوله: (وإِذَا جَمَعَ بَينَ صَلاتَينِ) أي سواء كان لسفر أو مطر. قوله: (أَذّنَ
للأُولى) سواء في جمع التأخير قدم الأولى أم الثانية كما في المجموع ونقل الزركشي عن النووي أنه يؤذن للثانية أيضًا سهو كيف وفي المجموع القول بالتأذين للثانية غلط. قوله: (وَأَقَامَ لِكُل وَاحدةٍ) ودليل ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بين العشاءين بمزدلفة بأذان وإقامتين رواه الشيخان عن جابر ولا يعارضه روايتهما عن ابن عمر أنه صلاهما بإقامتين لأن مع العلم زيادة علم على أن جابر استوفى أمور حجة الوداع وأتقنها فهو أولى بالاعتماد لأنه أشد الصحابة عناية بضبط المناسك وأيضًا فهولم يختلف عليه وابن عمر اختلف عليه فقد روى أبو داود عنه أنه أذن وأقام للمغرب وتقاس الفوائت بالمجموعتين على أنه مر التصريح بذلك في خبر ابن مسعود يوم الخندق ولا يضر انقطاعه لما مر ولأن المنقطع يعمل به في الفضائل وسكت المصنف عما إذا والى بين فائتة ومؤداة وحكمه كما ذكر إلَّا إن قدم الفائتة ثم دخل وقت الحاضرة

الصفحة 103