كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على المجيب وفي شرح العباب أفتى شيخنا زكريا وغيره بأن ما يفعله المؤذنون الآن من الإعلان بالصلاة والسلام مرارًا حسن لأن ذلك مشروع عقب الأذان في الجملة فالأصل سنة والكيفية حادثة وفي القول البديع وقد اختلف في ذلك هل هو مستحب أو مكروه أو بدعة أو مشروع فاستدل للأول بقوله تعالى: (وَافعَلُوا الخَيرَ) [الحج: 77] ومعلوم أن الصلاة والسلام عليه - صلى الله عليه وسلم - من أجل القرب لا سيما وقد تواترت الأخبار على الحث على ذلك مع ما جاء في فضل الدعاء عقب الأذان والثلث الأخير من الليل وقرب الفجر والصواب أنه بدعة حسنة يؤجر فاعله بحسب نيته اهـ، وهو مصرح بدليل الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - عقب الأذان كما قدمته.

فائدة
أول ما زيدت الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد كل أذان على المنارة في زمن السلطان المنصور حاجي بن الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون بأمر المحتسب نجم الدين الطنبدي في شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة وكان حدث قبل ذلك في أيام صلاح الدين بن أيوب أن يقال قبل أذان الفجر كل ليلة بمصر والشام السلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستمر إلى سنة سبع وستين وسبعمائة فزيد فيه بأمر المحتسب صلاح الدين البرلسي أن يقال الصلاة والسلام عليك يا رسول الله إلى أن جعل عقب كل أذان كما مر وأول ما حدث التسبيح بالأسحار على المنائر في زمن موسى عليه السلام حين كان بالتيه واستمر إلى بناء داود - عليه السلام - بيت المقدس فرتب فيه عدة يقومون به على الآلات وبغيره بلا آلات من ثلث الليل الأخير إلى الفجر إلى أن خرب بيت المقدس بعد قتل يحيى وحدوثه في ملتنا بمصر لأن مسلمة بن مخلد الصحابي أمير مصر لما اعتكف بجامع عمرو سمع أصوات النواقيس عالية فشكا إلى شرحبيل بن عامر عريف المؤذنين فقال إني أمد الأذان من نصف الليل إلى قريب الفجر فإنهم أن ينقسوا إذا أذنت ففعل ثم لما ولى أحمد بن طولون رتب جماعة نوبًا
يكبرون ويسبحون ويحمدون ويقولون قصائد زهدية وجعل لهم أرزاقًا واسعة ومن ثم اتخذ الناس قيام المؤذنين في الليل على المنائر فلما ولي صلاح الدين بن أيوب وحمل الناس على اعتقاد مذهب الأشعري أمر المؤذنين أن يعلنوا وقت التسبيح بذكر العقيدة الأشعرية التي تعرف بالمرشدية فواظبوا على ذكرها كل ليلة وفي القول البديع

الصفحة 113