كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

والفضيلة، وابعثه مقامًا
محمودًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وبالقائمة الدائمة من قام على الشيء دام عليه وعلى هذا فقوله الصلاة القائمة بيان الدعوة التامة اهـ. قوله: (وَالفَضِيلَةَ) زاد في أصل الروضة والدرجة الرفيعة قال جماعة ولا وجود لها في كتب الحديث ولكن لا بأس به والفضيلة معطوف على الوسيلة عطف بيان أي عطف نسق للبيان والتفسير فهو عطف تفسير كما عبر بذلك ابن حجر في شرحه على المنهاج وجوز فيه كونه من عطف الأعم وقال السيوطي قال الحافظ ابن حجر الفضيلة أي المرتبة الزائدة على سائر الخلق ويحتمل أن تكون منزلة أخرى أو تفسيرا للوسيلة اهـ، وظاهر أنه على الأول من عطف الأعم وعلى الثاني من عطف المغاير وعلى الأخير من
عطف التفسير. قوله: (مَقَامًا مَحْمُودًا) بالنصب على الظرفية في مقام ونكر كما في الآية تفخيمًا أي مقامًا أي مقام يكل أن تصفه السنة الحامدين وفي شرح العباب هو بالتنكير في رواية البخاري ورواه ابن حبان بالتعريف اهـ. وفي شرح دعاء أبي حربة للأهدل وقع في رواية المقام المحمود بالتعريف وتبعه كذلك البغوي في المصابيح والرافعي في المحرر وكذا في أكثر كتب الفقه قال الأسنوي في شرح المنهاج: وفي السنن الكبرى وصحيح ابن حبان عن شيخه ابن خزيمة وابعثه المقام المحمود أي بالتعريف اهـ. وفي حاشية سنن أبي داود للسيوطي هكذا ورد هنا معرفًا ورواه البخاري والترمذي منكرًا اهـ.
إن قلت يمنع من نصبه على الظرفية أنه اسم مكان غير مبهم وهو لا ينتصب على الظرفية.
قلت هو مشابه للمبهم فله حكمه ويجوز أن يكون ملاحظًا في البعث معنى الإعطاء فيكون مفعولًا ثانيًا ويجوز أن يكون منصوبًا على المصدرية أي ابعثه فأقمه مقامًا محمودًا أو ضمن ابعثه معنى أقمه ويجوز أن يكون حالًا أي أبعثه ذا مقام محمود كذا قرره صاحب الكشاف في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] والمقام المحمود هو المراد في تلك الآية وهو يطلق في كل ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات وقد اختلف في المراد به فيها فقيل شهادته على أمته بالإجابة من تصديق أو تكذيب وقيل إن الله أعطاه لواء الحمد يوم القيامة وقيل هو أن يجلسه الله على العرش وقيل على الكرسي حكاهما ابن الجوزي عن جماعة وقيل هو الشفاعة العظمى في فصل القضاء يحمده فيه الأولون والآخرون ويؤيد هذا الأخير تفسيره في عدة أحاديث

الصفحة 115