كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

عِنْد النِّدَاءِ وَعِنْدَ البأسِ حِينَ يُلْجِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا" قلت: في بعض النسخ المعتمدة: "يلحم" بالحاء، وفي بعضها بالجيم، وكلاهما ظاهر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والحديث كما قال ابن رسلان ظاهر في أن الدعاء منه مقبول ومردود عند الله فيقبل ما شاء ويرد ما شاء قال تعالى: ({فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} [الأنعام: 41] وهذه الآية مقيدة لقوله تعالى: {أَستَجِبْ لَكم} [غافر: 60] ولقوله: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]. قوله: (عِنْدَ النداءِ) أي الأذان كما استظهره الجلال السيوطي قال ابن رسلان رواية ساعتان لا يرد فيهما على داع دعوته حين تقام الصلاة فيحتمل أن يراد بالنداء إقامة الصلاة كما في هذه الرواية لكن الظاهر أن المراد بالنداء الأذان لحديث الحاكم إذا نادى المنادي فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء فليتحين المنادي أن ينتظر بدعوته حين يؤذن المؤذن فيجيبه ثم يسأل الله تعالى حاجته اهـ، وعند يحتمل أن يكون بمعنى بعد آخذًا من الأحاديث المذكورة آنفًا وأن تكون على حالها وتكون هذه الرواية مفيدة ما لم تفده تلك من استجابة الدعاء المقارن لا وله وأثنائه أيضًا لكن ظاهر إيراد المصنف الخبر في هذا الباب أن عند بمعنى بعد. قوله: (البأْسِ) أي الحرب والشدة. قوله: (حِينَ يُلْحِمُ بَعْضهُمْ بَعْضًا) بدل مما قبله لبيانه أي يقتله ويتسبب فيه حتى لا يجد له عنه مفرًا. قوله: (يلحمُ بالحاءِ) المهملة قال في السلاح يقال لحم الرجل واستلحم إذا نشب في الحرب فلم يجد مخلصًا ولحم إذا قتل فهو ملحوم ولحم وفي شرح المشكاة من لحمه وألحمه إذا التصق به التصاق اللحم بالعظم أو من لحم إذا قتل كأنه جعله لحمًا وفي النهاية ألحم الرجل إذا نشب في الحرب فلم يجد له مخلصًا وألحمه غيره فيها ولحم إذا قتل ولحمته إذا قتلته والملحمة المقتلة اهـ. وقال ابن رسلان أي ينشب بعضهم ببعض في الحرب كما يلحم الثوب بالسدي يقال لحم الرجل واستلحم إذا نشب في الحرب فلم يجد له مخلصًا منه اهـ. قوله:
(بالجيم) لكن اقتصر على الأول الجمهور حتى ضبطه السيوطي في حاشيته بالحاء المهملة والحكمة في قران النداء بالجهاد ما في كل منهما من مجاهدة أعداء الله إذ في الأول جهاد الشياطين كما سبق أنه يفر عند سماع الأذان وله ضراط وفي الثاني جهاد الكفار المشركين فلما تم استسلامه لأمر ربه وجهاده لأعدائه

الصفحة 138