كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يقال له حالان فمن ذكرها قبل الدخول قالها قبلها ومن نسيها استدركها بين دعاء الافتتاح والقراءة وعليه ينطبق إذا قمت إلى الصلاة فإنه يفهم منه ما قبل الدخول على تقدير الإرادة ويفهم منه ما بعد الدخول فيها ويشرع أيضًا في صلاة التسبيح التي لها هيئة مخصوصة كما ذكرت في موضعها إليه جنح الترمذي ويشرع أيضًا عند الفراغ من التشهد والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيذكر الذكر المذكور فإذا فرغ منه دعا بما ورد مأثورًا وبما كان له من طلب ثم يسلم إلى هذا جنح النسائي فترجم باب الذكر بعد التشهد وأورد حديث أنس في سؤال أم سليم المذكور ولعله أخذه من قوله في رواية لعبد الله بن عمرو وغيره عنها في دبر كل صلاة فإن دبر الشيء حقيقته هو جزء منه مؤخر ويطلق أيضًا على ما يلحقه ولا تخلل بينهما فعلى الأول فالأليق به ما بين التشهد والسلام فإنه الجزء الأخير من الصلاة اتفاقا إن كان المراد بدبر الصلاة الحقيقة وعلى الثاني فهو موافق لما ورد به حديث الصحيحين عن أبي ذر في قصة فقراء المهاجرين ذهب أهل الدثور بالأجور وفيه تسبحون دبر كل صلاة إلخ، فقد اتفق على أن المراد فيه بدبر الصلاة ما بعد السلام بخلاف حديث معاذ لا تدعهن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك فإنهم اختلفوا في المراد بدبر فيه هل هو ما بعد التشهد أو بعد السلام فلعل النسائي ممن يرجح أنه قبل السلام فألحق به الذكر المذكور ويكون عنده أن الذكر المذكور في قصة أهل الدثور خاصًّا بما بعد السلام فهذا طريق الجمع بين الروايات المختلفة في هذا الخبر أما إذا قلنا بالترجيح فإنا نقول يمكن رد الجمع إلى ما بعد السلام من الصلاة ويكون قوله إذا قمت إلى الصلاة أي صليت وفرغت فقولي ويحمل قوله أفتتح به صلاتي أي دعائي إذا فرغت من المكتوبة أو غيرها أو يحمل قوله في الصلاة أي عقبها ويكون أطلق ذلك مجازًا للمجاورة ولا يخفى تكلف ذلك كله فالأولى ما تقدم وتحرر مما ذكر من طريق الترجيح أنه لا مدخل لذلك فيما يقال قبل الدخول في الصلاة أصلًا وتحرر مما ذكر من طريق الجمع إنه يشرع قبل الصلاة لكنه مخصوص بصلاة الليل وهو منزل على الحالتين اللتين ذكرتهما من
حال المستحضر للذكر المذكور عند إرادة الدخول في صلاة الليل ومن حال من نسي ذلك فيستدركه في الافتتاح هذا الذي يقتضيه

الصفحة 147