كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

والتكبيرة عند الشافعي والأكثرين جزءٌ من الصلاة وركن من أركانها،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
شرح المشكاة لابن حجر وحكمة الاستفتاح بتكبيرة الإحرام استحضار المصلي عظمة من تهيأ لخدمته والوقوف بين يديه ليمتلئ هيبة فيخشع ويحضر قنبه ويسكن جوارحه. قوله: (وركن مِنْ أَركَانها) الركن والشرط مشتركان في أن كلا منهما لا توجد العبادة بدونه لكن إن كان داخلًا في الماهية فيسمى ركنًا وإن كان خارجًا فيسمى شرطًا أو يقال إن كان ما ذكر يعتبر متقدمًا على العبادة موجودًا فيها كالطهارة فشرط وإن كان لا يوجد إلَّا فيها فركن وبعبارة أخرى إن كان ما اعتبر فيها بحيث يقارن كل معتبر سواه كالطهر فشرط وإلا فركن وأورد عليه خروج الاستقبال عن كونه شرطًا إذ لا يقارن كل معتبر إذ هو إنما يقارن القيام والقعود وأجيب بأن التوجه إليها في غيرهما حاصل عرفًا إذ يقال على المصلي أنه متوجه إليها لا ينحرف عنها مع أن التوجه إليها ببعض مقدمه حاصل. قوله: (عِنْدَ الشافعي) اعلم أنه لما تقدم في الفصول ترجمة الإمامين مالك وأحمد تعين ترجمة الإمامين الباقيين من الأربعة الشافعي وأبي حنيفة وقد صنف في مناقبهما كما صنف في مناقب من ذكر قبلهما الكتب الكثيرة بعضها على سبيل الانفراد وبعضها على سبيل إجمال الأربعة الأمجاد الأنجاد لأنهم قدوة الأمة ومصابيح الظلمة نفع الله بهم فنقول "أما الشافعي" فهو الإمام القرشي المطلبي الملتقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جده الرابع عبد مناف، محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف إمام الأئمة علمًا وورعًا وزهدًا ومعرفةً وذكاءً وحفظًا ونسبًا فإنه برع في كل مما ذكر وفاق فيه أكثر من سبقه لا سيما مشايخه كمالك وسفيان بن عيينة ومشايخهم واجتمع له من تلك الأنواع وكثرة الاتباع في أكثر أقطار
الأرض وقد تقدم مذهبه وأهله فيها لا سيما في الحرمبن والأرض المقدسة وهذه الثلاثة وأهلها أفضل أهل الأرض واجتمع له ما لم يجتمع لغيره وهذا هو حكمة تخصيصه في الحديث المعمول به في مثل ذلك وزعم وضعه حسد أو غلط فاحش وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - عالم قريش يملأ طباق الأرض علمًا قال أحمد وغيره من أئمة الحديث والفقه نراه الشافعي أي لأنه لم يجتمع لقرشي حين الشهرة كما ذكر ما اجتمع له فلم ينزل الحديث إلّا عليه وكاشف أصحابه بوقائع وقعت بعد موته كما أخبر ورأى النبي - صلى الله عليه

الصفحة 153