كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

أو يقول: الله الأكبر، فهذان جائزان عند الشافعي وأبي حنيفة وآخرين، ومنع مالك الثاني، والاحتياط أن يأتيَ الإنسانُ بالأوَّل ليخرج من الخلاف، ولا يجوز التكبير بغير هذين اللفظين،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
صلوا كما رأيتموني أصلي أي كما علمتموني حتى لا ترد الأقوال فإنها لا تبصر وهو وإن كان خطابًا لمالك بن حويرث فيجري في جميع الأمة كما صرح به ابن دقيق العيد وبه اندفع ما أوهمه كلام الزركشي من أنه لا يصح الاستدلال به إلّا إن كان خطابًا لجميع الأمة وصح أنه - صلى الله عليه وسلم - إذا استفتح الصلاة استقبل القبلة ورفع يديه وقال الله أكبر ومعنى أكبر قيل كبير لأن أفعل قد يجيء نعتًا بمعنى فعيل كأمر أهون أي هين وقيل أكبر كبير كأعز عزيز وقيل أكبر من أن يشرك به أو يذكر بغير الثناء الحسن قال في المجموع عن التيمي من أصحابنا في شرح مسلم وهذا أحسن الأقوال لا سيما على أصلنا من عدم جواز كبير بدل أكبر وقيل أكبر مما سواه واعترضه المبرد بأن أفعل إنما يستعمل بين متجانسين وأجاب الفخر الرازي بأن الناس قد يستعظمون غير الله فقصد بهذا تنبيههم على أنه تعالى أولى بالتعظيم والإجلال من غيره اهـ، والحكمة في افتتاح الصلاة بها تنبيه المصلي على عظم مقام من قام لأداء عبادته من وصفه بأنواع الكمال وإن كل ما سواه حقير وأنه جل عن أن يكون له شبيه من مخلوق فإن فيخضع قلبه وتخشع جوارحه ويخلو قلبه من الأغيار فيمتلئ بالأنوار.
قوله: (أَوْ يَقولَ الله الأكبرُ) لوجود اللفظ الوارد فيه وزيادة أل لا تغير المعنى بل تفيد المبالغة في التعظيم بإفادتها حصر الكبرياء والعظمة بسائر أنواعها فيه ويفرق بينه وبين الله هو أكبر حيث أبطل مع إفادته ما ذكر بأن هو كلمة مستقلة غير تابعة بخلاف أل ويجوز أيضًا الله الكبير الأكبر كما في المجموع. قوله: (وَمَنَع مالِك الثَّانيَ) وعزا الفاكهاني في شرح العمدة منع إجزاء ذلك عن أحمد وداود قال الشيخ داود المالكي في شرح رسالة ابن أبي زيد يقول الله أكبر لا يجزي غيرها إذ لم يرو أحد أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل الصلاة بغير الله أكبر اهـ، وسيأتي عن الفاكهاني تحقيق لهذا المقام. قوله: (لِيَخْرُجَ مِنَ الخِلافِ) أي فالإتيان بالأكبر بالتعريف خلاف الأولى "ولمراعاة الخلاف شروط" أن يكون مأخذه قويًّا فإن كان واهيًا لم يراع كما نقل من بطلان

الصفحة 157