كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

ولو قال: أكبر الله، لم تصحّ على الصحيح عندنا، وقال بعض أصحابنا: تصحُّ، كما لو قال في آخر الصلاة: عليكم السلام، فإنه يصحُّ على الصحيح.
واعلم أنه لا يصحُّ التكبير ولا غيره من الأذكار حتى يتلفظ بلسانه بحيث يُسمع نفسه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وجود مشارك له في الكبر بخلاف أكبر فإنه يدل على أنه ليس له نظير وفيه نظر فإن صيغة أفعل التفضيل تقتضي بوضعها المشاركة في أصل الشيء والزيادة عليه سواء كان فيه أل أم لا كزيد أفضل من عمرو وزيد الأفضل فتأمله وحاصله أن أصل الاشتراك والدلالة على زيادة الموصوف به مدلول لأفعل سواء كان معرفًا أو منكرًا ووجه باعتبار اعتقاد بعض القاصرين كبر بعض المخلوقين وإلا فلا مشارك للباري سبحانه في وصف من صفاته إلّا في مجرد الاسم وكيف يشارك الحادث القديم في حقيقة وصف ثم قال الأبهري وأما أصحاب أبي حنيفة فقولهم أقرب من قول غيرهم قال صاحب البيان والتقريب يعني أقرب من قول الشافعي وأبي يوسف فإنهما لم يطردا القياس في كل لفظ معناه التعظيم ولم يقتصرا على ما ورد وقول أبي حنيفة بعد ذلك ضعيف لأنه استعمل القياس في عبادة لا يعقل لها معنى قال صاحب البيان والتقريب ثم المعنى الذي استنبطوه من التكبير وقاسوا به ليس من معاني الشرع بل هو راجع إلى تفسير معنى اللفظ فلا يصح القياس به ولو تنزلنا على صحة ما قالوه للزمهم أن تنعقد الصلاة بنحو اللهم اغفر لي ولا تنعقد عندهم بذلك اهـ، ولك أن تقول إن الشافعي إنما أجاز الأكبر لكون قوله تحريمها التكبير شاملًا له مع أنه يشتمل على اللفظ الوارد عنه - صلى الله عليه وسلم - مع زيادة مبالغة بخلاف الكبير فإنه ناقص عن اللفظ الوارد عنه - صلى الله عليه وسلم - فيكون من تخصيص عموم حديث تحريمها التكبير بمنطوق ذلك الخبر وليس هو من القياس وأما أبو يوسف فلم ينظر إلى ما ذكر في الأخير فأخذ بعموم حديث تحريمها التكبير وما ألزم به أبا حنيفة من الانعقاد بنحو اللهم ارحمني غير لازم إذ هذا اللفظ ليس موضوعًا للدلالة على التعظيم والإجلال وإن كان ذلك من لازم السؤال نعم ما أورد عليه من كونه قياسًا فيما لا يعقل من التعبدي وارد والله أعلم. قوله: (وَلَو قَال أَكبرُ الله لَمْ يصح على الصحيح عندنا) قال أصحابنا لأنه لا يسمى تكبيرًا بخلاف عليكم السلام وإن كره فإنه يسمى تسليمًا لانتظامه واعتياده في كلام العرب وغيرهم

الصفحة 160