كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

تبارَكْتَ وتعاليتَ، أسْتغفِركَ وأتوبُ إليْكَ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إليك أو التقدير أنا بك إيجادًا وتوفيقًا وإليك التجاءً واعتصامًا أو رجوعًا بعد البعث وهو قريب مما قبله أو أنا بك أعتمد وألوذ وإليك التجئ وأعوذ. قوله: (تباركتَ) أي تعاظمت أو تعظمت وتمجدت أو أدررت البركة على خلقك إذ تفاعل اللازم قد يأتي بمعنى فاعل المتعدي أصل الكلمة الدوام والثبات من البركة وهي الكثرة والاتساع ولا تستعمل إلّا في الله تعالى كما في الكتاب العزيز وفيه تنبيه على اختصاصه تعالى بالحركات الإبداعية والبركات المتوالية واختلف هل يلحق تبارك تاء التأنيث الساكنة والصحيح لحوقها سمع تباركت يا الله وتبارك أسماؤك كما في شرح التوضيح للشيخ خالد وغيره وقال البعلي تبارك فعل جامد لا يتصرف ومعناه دام دوام خيره وقال العزيزي في غريب القرآن تبارك تفاعل من البركة وهي الزيادة والنماء والكثرة والاتساع أي البركة تكتسب وتنال بذكرك ويقال تبارك تقدس والقدس الطهارة ويقال تبارك تعاظم اهـ. قوله: (وتعاليت) من العلو أي تنزهت عما لا يليق بذاتك وفي مفردات الراغب العلي هو الرفيع القدر من علا وإذا وصف به الباري تعالى كما في قوله: {هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحج: 62] فمعناه أنه يعلو عن أن يحيط به وصف الواصفين بل علم العارفين وعلى ذلك يقال تعالى وتخصيص التفاعل لمبالغة ذلك منه لا على سبيل التكلف كما يكون من البشر قال عزَ وجل سبحانه {سُبْحَانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الإسراء: 43] وقد سبق بعضه. قوله: (أَستغفرُكَ وأَتوبُ إِليكَ) قال العز بن عبد السلام هذا وعد بطلب المغفرة إذ السين للطلب فمعنى أستغفر الله وأتوب إليه أطلب منه المغفرة فهو وعد بأن يطلبها منه ولا يلزم من الوعد حصول المطلوب الذي هو الطلب وكذا أتوب إليك وعد بالتوبة لا أنه توبة في نفسه والجواب أنه ليس وعدًا ولا خبرًا بل إنشاء أي المراد به الإنشاء وإلّا فلفظه خبر والله أعلم وبهذا يجاب عما يأتي في كتاب الاستغفار عن الربيع بن خثيم من كراهة ذلك وهذا الذكر أي وجهت وجهي إلى قوله وأتوب إليك رواه مسلم والأربعة وعبارة السلاح رواه الجماعة إلَّا البخاري ورواه ابن حبان والطبراني كلهم عن علي بن أبي طالب من جملة حديث قال علي كرم الله وجهه كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة المكتوبة وفي رواية إذا افتتح الصلاة كبر ثم قال وجهت وجهي إلخ، وذى فيه ما يقال في الركوع والاعتدال والسجود وبعد التشهد الأخير نعم انفرد ابن حبان

الصفحة 170