كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

طهورًا، ويقول عند المضمضة: اللهُم اسْقِني من حوْضِ نبيك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - كأسًا لا أظمأ بعده أبدًا، ويقول عند الاستنشاق: اللَّهُم لا تحرِمني رائحة نعِيمِكَ وجناتِكَ، ويقول عند غسل الوجه: اللهُم بَيِّضْ وجهي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الرفعة عن بعضهم ولم يتعقبه بأن يقرنها بها عند أول غسلهما كما يقرنها بتكبيرة الإحرام. قوله: (طَهُورًا) بفتح الطاء أي مطهرًا وعدل إليه للمبالغة فيه
وهذا شكر لما منَّ به الباري على عباده بقوله: ({وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] وفي الآية كما قيل دليل على حصر الطهورية في الماء المطلق إذ لو طهر غيره لفات الامتنان به وفيه أنه لعل وجه الامتنان كونه من جملة ما يطهر به. قوله: (أَسقني مِنْ حَوْضِ نَبِيكَ محمد - صلى الله عليه وسلم -) قال القرطبي هما حوضان الأول قبل الصراط وقبل الميزان على الأصح فإن الناس يخرجون عطاشى من قبورهم فيردونه قبل الميزان والصراط والثاني في الجنة وكلاهما يسمى كوثرًا وفي حديث مسلم عن أنس أتدرون ما الكوثر قلنا الله ورسوله أعلم قال فإنه نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد نجوم السماء يختلج العبد منهم أقول أنه من أمتي فيقال ما تدري ما أحدث بعدك قال الجلال السيوطي ليس المراد نفي الدارية على ظاهر اللفظ بل هو مؤول على معنى عملوا أعمالًا استحقوا بها ألا يشفع لهم وهو عالم بما صدر منهم اهـ. وفي الصحيح حديث حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من الورق وريحه أطيب من المسك كيزانه كنجوم السماء من شرب منه لم يظمأ بعده أبدًا وفي رواية لمسلم يخشب فيه ميزابان من الجنة وفي لفظ لغيره يفت فيه ميزابان من الكوثر وروى ابن ماجة حديث الكوثر نهر في الجنة حافتاه الذهب مجراه على الدر والياقوت تربته أطيب من المسك وأشد بياضًا من الثلج. قوله: (لَا أَظْمأُ بَعْدَهُ أَبَدًا) صفة للكأس أي من شرب منه لا يظمأ كما تقدم في الحديث هذا وزاد بعضهم قبل هذا الذكر عند المضمضة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وقال في الإحياء يقول اللهم أعني على تلاوة كتابك وكثرة الذكر لك وقال الروياني يقول اللهم أجر على لساني الصدق والصواب وما ينفع الناس. قوله: (وَجَناتِكَ) جمع جنة وقد ورد خبر إن عرف

الصفحة 31