كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

وروينا في كتاب ابن السني
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يصلح بأكل الحلال ويشرح معه الصدر ويصفو الخاطر وينصقل الذهن اهـ. ثم خص القلب والسمع والبصر بفي دون ما بعده لأن القلب مقر العلوم والمعارف الإلهية وكل من السمع والبصر يجعل له من أسبابها كنظر المسموعات وسماع الآيات حظًّا وفرًا وجر باقي الجهات بمن إشارة إلى أن مبدأ عود الهداية إلى من في تلك
الجهات من الخلق من القلب وقع في رواية للبخاري في كتاب الدعوات وعن يميني نورًا وعن شمالي نورًا قال الشيخ زكريا خصمها بعن إيذانًا بتجاوز الأنوار التي دعا بها النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قلبه وسمعه وبصره إلى من عن يمينه وشماله من أتباعه اهـ. وقال القرطبي هذه الأنوار التي دعا بها النبي - صلى الله عليه وسلم - يمكن أن تحمل على ظاهرها فيكون معنى سؤاله أن يجعل الله له في كل عضو من أعضائه يوم القيامة نورًا يستضيء به في تلك الظلم هو ومن تبعه والأولى أن يكون مستعارة للعلم والهداية اهـ. وقال ابن عبد السلام اعلم أن النور عبارة عن أجسام قام بها عرض لكنه ليس مرادًا هنا لكنه يعبر بالنور عن المعارف وبالظلمة عن الجهل من مجاز التشبيه لأن المعارف والإيمان تنبسط لها النفوس ويذهب الغم عنها بها وتبشر بالنجاة من المعاطب كما يتفق لها ذلك في النور الحقيقي وتغتم بالجهالات وتنقبض ويخاف الهلاك بسببها كما يتفق لها ذلك في الظلمات الحسية فلما تشابها عبر بأحدهما عن الآخر إلا أن هذا يصح جوابًا عن القلب وأما في سائر ما ذكر معه فليس كذلك لأن المعارف مختصة بالقلب إلَّا أن ما عداه مما ذكر يتعلق بها التكاليف أما اللسان فمن جهة الكلام والبصر من جهة النظر وكذلك ينظر في سائرها ويثبت له من التكاليف ما يناسبه إذا تقرر ذلك فاعلم أن التكليف فرع عن العلم بالله والإيمان به فمن لم يكن كذلك لا يوقع شيئًا من القرب وإذ كانت مسببة عن الإيمان والمعارف التي هي النور المجازي فسماها نورًا من باب إطلاق المسبب على السبب فالمراد بالنور الذي في القلب الإيمان والمعارف وبالذي في غيره غيره اهـ.
قوله: (وَرَوَينا فِي كِتَابِ ابنِ السُّني إلخ) قال الحافظ بعد تخريجه من طريق ابن السني بهذا اللفظ هذا حديث واهٍ جدًّا أخرجه الدارقطني في الأفراد من هذا الوجه وقال تفرد به الوازع وهو متفق على ضعفه وأنه منكر الحديث قال الحافظ والقول فيه أشد من ذلك فقال ابن معين والنسائي ليس بثقة وقال أبو حاتم وجماعة متروك

الصفحة 37