كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

أطوَلُ الناسِ أعْناقا يَوْمَ القِيامةِ"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هنا الإقامة وكذا قال الحافظ والعوام لا تعرف التثويب إلا قول المؤذن في صلاة الفجر الصلاة خير من النوم ومعنى التثويب الإعلام بالشيء والإنذار بوقوعه وإنما سميت الإقامة تثويبًا لأنه إعلام بإقامة الصلاة والأذان إعلام بوقت الصلاة والله أعلم. وأخرج الحافظ من طريق أبي نعيم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة أحال له ضراط حتى لا يسمع صوته فإذا سكت رجع فوسوس فإذا سمع الإقامة ذهب حتى لا يسمع صوته فإذا سكت رجع فوسوس وأخرج من هذا الطريق ومن طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعًا قال إن الشيطان إذا أذن المؤذن هرب حتى يحول بالروحاء وهي على ثلاثين ميلا حديث صحيح أخرجه مسلم وبين أن ذكر اليسافة في الحديث من جهة الراوي اهـ.
قوله: (أطولُ النَّاسِ أَعْنَاقًا) هو بفتح الهمزة جمع عنق بضمتين واختلف في معناه فقيل معناه أكثر الناس تشوفًا إلى رحمة الله لأن المتشوف يطيل عنقه لما يطلع إليه فمعناه كثرة ما يرونه من الثواب قال الحافظ وفسره ابن حبان في صحيحه بذلك لما ذكر حديث أبي هريرة وهو مثل حديث معاوية قال وقال غيره يمتد لكونهم كانوا يمدونها عند رفع الصوت في الدنيا فمدت في القيامة ليمتازوا بذلك عن غيرهم وفي ذلك إبقاء للطول على حقيقته اهـ. وقيل معناه أنهم سادة رؤساء والعرب تصف السادة بطول العنق وفيه استعارة لأنهم شبهوا بالأعناق كما قيل هم الرؤوس والنواصي والصدور وقيل معناه أكثر اتباعا فهو جمع عنق أي جماعة أي أن جمعهم يكون أكثر لأن من أجاب دعوتهم يكون معهم فالطول مجاز عن الكثرة لأن الجماعة إذا توجهوا لمقصدهم يكون لهم امتداد في الأرض وقال ابن الأعرابي معناه أكثر الناس أعمالًا يقال لفلان عنق من الخير أي قطعة منه سمي العمل عنقًا لنقله وجيء بأطول كالترشيح لهذا المجاز وقيل معناه القرب من الله تعالى لأن طول العنق يدل غالبًا على طول القامة وطولها لا يطلب لذاته بل لدلالته على تمييزهم على الناس وارتفاع شأنهم عليهم كما وصف المتوضئون يأنهم يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء وقيل معناه لا يأخذهم العرق لأن العرق يأخذ الناس بقدر

الصفحة 76