كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

والأحاديث في فضله كثيرة.
واختلف أصحابنا في الأذان والإمامة، أيهما أفضل على أربعة أوجه: الأصح أن الأذان أفضل،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أن فيه عنعنة قتادة وشيخه أبي إسحاق السبيعي وهما مدلسان اهـ. قوله: (وَالأَحاديث في فضله كثيرة) فمنها حديث عبد الله بن أبي أوفى قال قال - صلى الله عليه وسلم - إن خيار عباد الله الذين
يراعون الشمس والقمر والأظلة لذكر الله تعالى أخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط البخاري وتعقبه الحافظ بأن عبد الجبار بن العلاء الذي أخرجه الحاكم من طريقه لم يخرج له البخاري ومع كون باقي رجاله بعده أي سفيان بن عيينة عن مسعر عن إبراهيم السكسكي عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما ثقات فهو معلول لأن ابن المبارك رواه عن مسعر عن السكسكي قال حدثنا بعض أصحابنا عن أبي الدرداء فذكره موقوفًا من قوله وقد اعترف الحاكم بهذه العلة قال إلَّا أنها لا تؤثر اهـ. قال الحافظ وقد وجدت من حديث ابن أبي أوفى شاهدًا من حديث أنس مرفوعًا لو أقسمت لبررت إن أحب عباد الله إلى الله الذين يراعون الشمس والقمر وإنهم ليعرفون يوم القيامة بطول أعناقهم يعني المؤذنين كذا في الأصل قال حديث غريب أخرجه الطبراني انفرد به عن أنس الحارث بن النعمان وهو ابن أخت سعيد بن جبير اختلف فيه اهـ.: (علي أربعَةِ أَوجهٍ) بقي وجه خامس جرى عليه المصنف في نكت التنبيه واعتمده ابن الرفعة والقمولي وغيرهما هو أن مجموع الأذان والإقامة أفضل لكن قال أبو زرعة ظاهر كلام الجمهور إن التفضيل بين الأذان والإمامة وحدهما اهـ. قوله: (الأَصَحُّ أَن الأَذَانَ أَفضلُ) وهذا الذي رجحه المصنف في كتبه ونقله عن نص الأم وأكثر الأصحاب قال المحاملي وهو مذهب الشافعي وعامة أصحابنا اهـ، وذلك لأنه علامة على الوقت فإنه أكثر نفعا منها ولقوله تعالى: ({وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} [فصلت: 33] قالت عائشة نزلت في المؤذنين قيل وفيه نظر وإن وافقها على ذلك عكرمة لقول كثيرين منهم ابن عباس أنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي رواية عنه أنه أبو بكر وفي أخرى عنه أنصاره وأصحابه ومما يرد الأول أن السورة مكية والأذان مدني وأيضًا فالأحسنية إنما جاءت من مجموع الدعاء إلى الله وما بعده

الصفحة 80