كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

والثاني: الإمامة، والثالث: هما سواء، والرابع: إن علم من نفسه القيام بحقوق الإمامة واستجمع خصالها فهي أفضل، وإلا فالأذان أفضل.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لكونه فرض كفاية على تطوع الصلاة وإن سلم لما فيه من الخروج عن الإثم ففي فضل تطوع الصلاة ما يجبر ذلك أو يزيد عليه ذكره وما قبله السبكي. قوله: (والثاني الإمامة) أي أفضل من الأذان سواء قام بحقوقها أو لا كما أن الأذان عند المصنف أفضل منها سواء قام بحقوقها أو لا وتقييد بعضهم ترجيحه الإمامة بمن قام بحقوقها ليس في محله لأن التفضيل وجه آخر وقول الشافعي فإن فعل أي قام بحقوقها رجوت أن يكون أحسن حالًا من غيره لا يشهد للتقييد ولا لما قال الرافعي بل للوجه المفصل الذي حكاه المصنف هنا آخرا على أن قوله من غيره مقيد بغير الأذان لما مر عن الأم إن الأذان أفضل من الإمامة. واستدل من فضلها بمواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين بعده عليها دون الأذان وأجيب بأن ذلك لاشتغالهم بمهمات الدين التي لا يقوم غيرهم فيها مقامهم ولذا صح عن عمر رضي الله عنه لو كنت أطيق مع الخليفي لأذنت والخليفي بكسر الخاء المعجمة وتشديد اللام مصدر ولا نظر إلى كونه - صلى الله عليه وسلم - كان يتفرغ في بعض الأوقات لأنه لو أذن - صلى الله عليه وسلم - واظب عليه لأن عمله كان ديمة ومداومته تقتضي وجوب الإجابة خلافًا لمن نازع فيه ولأن تعاطي غيره للأذان أفخم لشأنه كما بينه السهيلي ولأنه - صلى الله عليه وسلم - لو أذن لوجب حضور الجماعة بالاعتبار الذي قدمناه على أن الأصل في الأمر الوجوب قال في شرح العباب ورد الأسنوي لهذا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن في بعض أسفاره كما في المجموع عن الترمذي بإسناد جيد فيه نظر لما مر أن معنى أذن أمر بالأذان، قلت تقدم نقلًا عن التوشيح أنه جاء في رواية صريحة غير قابلة للتأويل أنه - صلى الله عليه وسلم - أذن وعلى ذلك فالجماعة الذين أذن لهم كانوا حاضرين معه فلا دلالة فيه على رد ذلك وبأنها أشق من الأذان ويجاب بأن غير الأشق قد يفضل الأشق على أنا لا نسلم أنها أشق منه وبحديث الصحيحين ليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم ويجاب بأن هذا الخبر معارض بخبر أبي داود وابن ماجة ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم أقرؤكم وبأنه لا يحتاج في صحته إلى كثير شروط ومزيد تبصر فطلب من كل أحد

الصفحة 82