كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

والترجيع عندنا سُنَّةٌ، وهو أنه إذا قال بعالي صوته:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حقه تعالى ثم دعا إلى ما دعاهم إليه من العبادات فصرح بالصلاة ثم رتبها بعد إثبات النبوة إذ معرفة وجوبها من جهته - صلى الله عليه وسلم - لا من جهة العقل زاد غير القاضي ثم أشار إلى بقية الفروع إجمالًا تعذر تفصيلها ولئلا يشذ عن الأذان شيء كما لم يشذ من العقائد عنه شيء فقال حي على الفلاح وقال القاضي عياض هو البقاء في النعيم وفيه الإشعار بأمور الآخرة من البعث والجزاء وهي آخر تراجم العقائد الإسلامية ثم كرر التكبير آخره إشارة إلى الاعتناء السابق لأن هذا المقام هو الأصل المبني عليه جميع ما تقرر من العقائد والقواعد وختم ذلك بكلمة التوحيد إشارة للتوحيد المحض ومن ثم كانت مرة فقط وسقط منها لفظ أشهد قصدًا لسرعة الانتقال إلى ذلك وكان آخره اسم الله ليطابق البداءة به إشارة إلى أنه الأول والآخر في كل شيء قال القاضي ثم كرر ذلك عند إقامة الصلاة للإعلام بالشروع فيها وفي ذلك تأكيد الإيمان وتكرار ذكره عند الشروع في العبادة بالقلب واللسان ليدخل المصلي فيها على بينة من أمره وبصيرة من إيمانه ويستشعر عظيم ما دخل فيه وعظيم حق من عبده وجزيل ثوابه على عباده اهـ. قال في شرح العباب وكرر ذلك مكررًا أهمه فقط في الصلاة قصد التأكيد الإيمان إلخ. قوله: (وَالترجيع عِنْدَنَا سُنَّة) لخبر مسلم عن أبي محذورة أنه - صلى الله عليه وسلم - علمه الأذان كذلك ورواه أبو داود والنسائي وفي التمهيد لابن عبد البر واتفق مالك والشافعي على الترجيع في
الأذان وقال أبو حنيفة وأصحابه لا ترجيع في الأذان اهـ. وفي شرح الهداية لابن الهمام ويرجح عدم الترجيع بأن حديث عبد الله بن زيد هو الأصل في الأذان وليس فيه ترجيع اهـ. وقال البيهقي اتفاق أبي محذورة وأولاده في حرم الله تعالى وسعد القرظ في حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إثبات الترجيع وإفراد الإقامة مع توافر الصحابة فمن بعدهم مؤذن بضعف ما سواه اهـ. بمعناه وفي قول إن الترجيع ركن لا يصح الأذان إلَّا به حكاه المصنف في شرح مسلم ورد بحذفه من أحاديث صحيحة مع عدم إخلال حذفه بالإعلام المشروع له الأذان وحكمته تدبر كلمتي الإخلاص لكونهما المنجيتين من الكفر المدخلتين في الإسلام وتدبر هذا الفضل العظيم من ظهورهما بعد مزيد خفائهما في أول الإسلام وظاهر كلامه إن الترجيع اسم لمجموع السر والجهر وهو ظاهر

الصفحة 84