كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومع علا فيقال حيْهلا وحيعلا وفيهما عدة أوجه نظمها شيخنا أبو محمد بن مالك في هذا البيت:
حيهل حيهل احفظ ثم حيهلا ... أو نون أو حيهل ثم حي علا
وهي كلمة استعجال قال لبيد:
يتمارى في الذي قلت له ... ولقد يسمع قولي حيهلا
اهـ: وبقي عليه لغتان هما حيهلا بسكون الهاء والتنوين وحيهلا كذلك بألف من غير تنوين لإرادة التنكير وإسكان الهاء كراهة اجتماع الحركات وهذه اللغات السبع حسماها صاحب البسيط وقال ذهب أبو علي إلى أن في كل واحد منهما ضميرًا واحدًا لأنهما صار بمنزلة الكلمة الواحدة وجاء متعديًا بنفسه كحيهلا الثريد أي ائته أو احضره أو أقر به وبالباء كحيهلا بعمر أي ائت به وبإلى كحيهلا إلى كذا أي سارع وبادر إليه وبعلى كحيهلا على كذا أي أقبل عليه وقال ابن يعيش في شرح المفصل حيهلا من أسماء الأفعال مركب من حي وهل وهما صوتان معناهما الحث والاستعجال وجمع بينهما وبنى للمبالغة وكان الوجه ألا ينصرف كحضرموت إلَّا أنه وقع موقع فعل الأمر فبنى كصه ومه ويستعمل حي وحده نحو حي على الفلاح وهلا وحدها واستعمال حي وحدها أكثر من استعمال هلا وحده اهـ، والفلاح هو الفوز ومنه حديث استفلحي برأيك أي فوزي وقيل البقاء ومنه.
لكل هم من الهموم سعه ... والمسى والصبح لا فلاح معه
وقال في المطلع نقلًا عن الأزهري الفلاح الفوز بالبقاء والخلود في النعيم المقيم ويقال للفائز مفلح ولكل من أصاب خيرًا مفلح قال بعضهم ليس في كلام العرب كلمة أجمع للخير من الفلاح قال الأبي وعدي حي بعلى لأن أقبل يتعدى بها ومنه قوله تعالى: {قَالُوا وَأَقبَلُوا عليهم} [يوسف: 71]. قوله: (الصلاةُ خير مِنَ النَّوْمِ) قال في المستعذب معناه اليقظة للصلاة وقيل الراحة التي يعتاضون بها يوم القيامة من شدة فرط قيام الليل ومكابدته خير من راحة النوم الذي هو الموت وقيل المعنى الخير في الصلاة لا في النوم اهـ. وقال بعضهم أقرب من هذا أن المراد صلاة الصبح التي شرع فيها التثويب فاللام فيها للعهد أي الصلاة التي دعيتم الآن لها خير من النوم عنها لأن الصلاة غنيمة وفي النوم سلامة فليست الخيرية منتفية عن النوم إذ السلامة

الصفحة 89