كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 2)

فصل: واعلم أن الأذان والإقامة سنتان عندنا على المذهب الصحيح المختار، سواء في ذلك أذان الجمعة وغيرها. وقال بعض أصحابنا: هما فرض كفاية، وقال بعضهم: هما فرض كفاية في الجمعة دون غيرها، فإن قلنا: فرض كفاية، فلو تركه أهل البلد أو محلَّة قوتلوا على تركه، وإن قلنا: سنة لم يقاتلوا على المذهب الصحيح المختار، كما لا يقاتلون على سُنة الظهر وشِبْهها، وقال بعض أصحابنا: يقاتَلون لأنه شعار ظاهر.
فصل: ويُستحبُّ ترتيل الأذان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من تفسير بعض الرواة توهمًا منه أنه المراد من تثنية الإقامة وليس المراد بل تثنية كلمتي الإقامة وبين أيضًا أن اتفاق أبي محذورة وأولاده في حرم الله تعالى وسعد القرظ وأولاده في حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إثبات الترجيع وإفراد الإقامة مع توفر الصحابة ومن بعدهم يؤذن بضعف رواية تثنيتها واحتج على ذلك بكلام مالك والشافعي وغيرهما ومن ثم أجمع فقهاء أصحاب الحديث على إفراده اهـ، والحكمة في إفراد الإقامة وتثنية الأذان أنه للغائبين فكرر ليكون أبلغ في إعلامهم وهي للحاضرين فلا حاجة إلى تكرارها ولذا قال أصحابنا يكون صوته في الإقامة دونه في الأذان وإنما كرر لفظ الإقامة خاصة لأنه مقصود الإقامة ولما كان لفظ التكبير في الأذان أربعًا وفي الإقامة اثنين صار كأنه إفراد بالنظر لذلك ولذا استحب كون كل تكبيرتين في نفس والله أعلم.

فصل
قوله: (سنَّة) استشكل قول المصنف أنهما سنة مع قوله في الجماعة أنها فرض كفاية مع أنهما وسيلة وللوسائل حكم المقاصد وأيضًا ما لا يتم الواجب إلّا به واجب ويرد بمنع كونهما وسيلة لعدم توقفها عليهما على أن هذا إنما يأتي على الضعيف إن الأذان حق للجماعة والأصح خلافه. قوله: (قُوتِلُوا) أي بعد الإنذار والمقاتل لهم هو الإمام لأن ذلك لكونه محل نظر واجتهاد ليس للآحاد. قوله: (وَقَال بَعضُ أَصحابِنَا يقاتَلونَ لأَنه شِعار ظاهر) أي والإمام يقاتل على ترك السنة إذا كانت شعارًا ظاهرًا من شعار الإسلام ورد بأنه لا قتال على ترك سائر السنن وقتال الصحابة تاركيه لأن تركه كان في زمنهم علامة على الكفر.

فصل
قوله: (ويستحَب تَرْتيلُ الأَذَانِ وَرَفْعُ الصوتِ إلخ)

الصفحة 95