كتاب تفسير الماوردي = النكت والعيون (اسم الجزء: 2)
وقوله {إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ} يعني من بعد أمره أن يكون الخلق فكان , قاله ابن بحر. قوله عز وجل: { ... إِنَّهُ يَبْدَؤُأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يَعِيدُهُ} فيه وجهان: أحدهما: أنه ينشئه ثم يفنيه. الثاني: ما قاله مجاهد: يحييه ثم يميته ثم يبيده ثم يحييه.
{إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون} قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا} فيه تأويلان: أحدهما: لا يخافون عقابنا. ومنه قول الشاعر:
(إِذَا لَسَعَتْهُ النّحْلُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَهَا ... وَخَالَفَهَا فِي بَيْتِ نَوْبٍ عَوَامِلُ)
الثاني: لا يطمعون في ثوابنا , ومنه قول الشاعر:
(أَيَرْجُوا بَنُوا مَرْوَانَ سَمْعِي وَطَاعَتِي ... وَقَوْمِي تَمِيْمٌ وَالْفَلاَةُ وَرَائِيَا)
{إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بإِيمَانِهِمْ} فيه أربعة أوجه: أحدها: يجعل لهم نوراً يمشون به , قاله مجاهد. الثاني: يجعل عملهم هادياً لهم إلى الجنة , وهذا معنى قول ابن جريج. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يَتَلَقَّى الْمُؤْمِنَ عَمَلُهُ فِي أَحْسَنِ صُوَرَةٍ