كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 2)
وَلَا يَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ "م ر" ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَلَّ مَنْ وَجَدْته ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: إذَا نَامَ بَعْدَ تَهَجُّدِهِ لَمْ يَبْنِ عَلَيْهِ السَّهَرَ.
وَفِي الْغُنْيَةِ يُسْتَحَبُّ ثُلُثَاهُ، وَالْأَقَلُّ سُدُسُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ كُلِّهِ عَمَلُ الْأَقْوِيَاءِ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ الْعِنَايَةُ، فَجُعِلَ لَهُمْ مَوْهِبَةً، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ قِيَامُهُ بِرَكْعَةٍ، يَخْتِمُ فِيهَا، قَالَ وَصَحَّ عَنْ أَرْبَعِينَ مِنْ التَّابِعِينَ، وَمُرَادُهُمْ وَتَابِعِيهِمْ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَا لَيَالِيَ الْعَشْرِ1، فَيَكُونُ قَوْلُ عَائِشَةَ إنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحْيَا اللَّيْلَ2 أَيْ كَثِيرًا مِنْهُ، أَوْ أَكْثَرَهُ، وَيَتَوَجَّهُ بِظَاهِرِهِ احْتِمَالٌ، وَتَخْرِيجٌ مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ، وَيَكُونُ قَوْلُهَا مَا عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ3 أَيْ غَيْرَ الْعَشْرِ أَوْ لَمْ يَكْثُرْ ذَلِكَ مِنْهُ وَاسْتَحَبَّهُ شَيْخُنَا، وَقَالَ قِيَامُ بَعْضِ اللَّيَالِي كُلِّهَا مِمَّا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ. وَيُكْرَهُ مُدَاوَمَةُ قِيَامِ اللَّيْلِ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلِهَذَا اتَّفَقَتْ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى اسْتِحْبَابِ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْغُنْيَةِ هُوَ ظَاهِرُ سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ.
وَنَسْخُ وُجُوبِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَسْخُ اسْتِحْبَابِهِ وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الله بن عمر لا ينام
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْعِبَارَةِ تَعْقِيدٌ مِنْ جِهَةِ عَوْدِ الضَّمَائِرِ وَالتَّرْكِيبِ، وَفِيهِ قُوَّةٌ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ، فَإِنَّ هَذِهِ صَلَاةُ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَى الصَّحِيحِ من المذهب، وصحت الأحاديث بذلك.
__________
1 أي: لايقيم ليالي العشر من ذي الحجة بتمامها بحيث لا ينام ليلها.
2 أخرجه البخاري "2024" ومسلم "1174" "7".
3 أخرجه مسلم "746" "141".
الصفحة 392