كتاب فتح المنعم شرح صحيح مسلم (اسم الجزء: 2)

لي في كل مرة من مرات الشفاعة حدا أقف عنده، ولا أتعداه، وقد بينت الرواية الثالثة هذه الحدود. الحد الأول: من كان في قلبه مثقال برة أو شعيرة من إيمان، الحد الثاني: من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، الحد الثالث: من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان.
(فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة. قال: فأقول يا رب، ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن) أي فلا أدري أقال في الرفعة الثالثة أو في الرفعة الرابعة، وهذا الشك من الراوي جاء بطريق الجزم أنه في الرابعة في بعض الروايات.
(إلا من حبسه القرآن. أي وجب عليه الخلود) أبهم في هذه الرواية قائل "أي وجب عليه الخلود" وتبين من بعض الروايات أنه قتادة أحد رواة الحديث، والمعنى: إلا من أخبر القرآن أنه مخلد في النار، وهم الكفار.
الرواية الثانية
(وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة) والمعنى: ما يعدل ذرة ويساويها، والذرة بفتح الذال وتشديد الراء، واحدة الذر، وهو الحيوان المعروف الصغير من النمل، قال النووي، ثم قال: ورواه بعضهم بضم الذال وتخفيف الراء، واتفقوا على أنه تصحيف. اهـ
الرواية الثالثة
(وتشفعنا بثابت) البناني، وكان من خاصة أنس بن مالك، وفي رواية البخاري "فذهبنا معنا بثابت البناني إليه يسأله لنا عن حديث الشفاعة، وفيه "فقلنا لثابت: لا تسأله عن شيء أول من حديث الشفاعة".
(إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض) "ماج الناس" أي اختلطوا، يقال: ماج البحر إذا اضطربت أمواجه.
(فأحمده بمحامد لا أقدر عليه) قال النووي: هكذا هو في الأصول "لا أقدر عليه" وهو صحيح، ويعود الضمير في "عليه" إلى الحمد.
(فأخرجه من النار) قال النووي: اتفقت الأصول على أنه "فأخرجه" بضميره صلى الله عليه وسلم وحده، في الانطلاق الثاني والثالث، أما الانطلاق الأول ففي بعض الأصول "فأخرجوه" على لفظ الجمع، وفي بعضها "فأخرجه" وفي أكثرها "فأخرجوا" بغير هاء، وكله صحيح، فمن رواه "فأخرجوه" يكون الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من الملائكة ومن حذف الهاء فلأنها ضمير المفعول، وهو فضلة، يكثر حذفه. والله أعلم.

الصفحة 19