كتاب صحيح ابن حبان - محققا (اسم الجزء: 2)

عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَحَدٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللَّهِ يَجْعَلُونَ لَهُ نِدًّا وَيَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا وهو في ذلك يرزقهم ويعافيهم ويعطيهم" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، أبو عبد الرحمن السلمي: هو عبد الله بن حبيب بن ربيعة الكوفي المقرئ، ثقة ثبت.
وأخرجه البخاري "6099" في الأدب: باب الصبر في الأذى، عن مسدد بن مُسَرْهَد، والنسائي في النعوت في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 6/424 عن عمرو بن علي، كلاهما عن يحيى القطان، عن سفيان الثوري، عن الأعمش، به، بزيادة سفيان بين القطان والأعمش.
وأخرجه أحمد 4/395 و401 و405، والبخاري "7378" في التوحيد: باب قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} ، ومسلم "2804" في صفات المنافقين: باب لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل، والنسائي في التفسير من "الكبرى" كما في "التحفة" 6/424، من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.
قال الحافظ في "الفتح" 13/361: من أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى: الصبور، ومعناه الذي لا يعامل العصاة بالعقوبة، وهو قريب من معنى الحليم، والحليم أبلغ في السلامة من العقوبة. والمراد بالأذى أذى رسله وصالحي عباده، لاستحالة تعلق أذى المخلوقين به، لكونه صفة نقص، وهو منزه عن كل نقص، ولا يؤخر النقمة قهراً بل تفضلاً، وتكذيب الرسل في نفي الصحابة والولد عن الله أذى لهم، فأضيف الأذى لله تعالى للمبالغة في الإنكار عليهم والاستعظام لمقالتهم، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} فإن معناه: يؤذون أولياء الله وأولياء رسوله، فأقيم المضاف مقام المضاف إليه.

الصفحة 408