كتاب صحيح ابن حبان - محققا (اسم الجزء: 2)

ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ الْعِبَادَةِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ رَجَاءَ النَّجَاةِ فِي الْعُقْبَى بِهَا
362 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا مُؤْخِرَةُ الرَّحْلِ فقَالَ يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا قَالَ ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك أن لا يعذبهم" 1. [3: 53]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري "5967" في اللباس: باب إرداف الرجل خلف الرجل، و "6267" في الاستئذان: باب من أجاب بلبيك وسعديك، و "6500" في الرقاق: باب من جاهد نفسه في طاعة الله، ومسلم "30" في الإيمان: باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً، والطبراني في "الكبير" 20/ "81" من طريق هدبة بن خالد بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/242 من طريق عفان، والبخاري "6267" من طريق موسى بن إسماعيل، كلاهما عن همام بن يحيى، به.
وأخرجه البخاري في الإيمان "128" باب: من خص بالعلم قوماً =
= دون قوم كراهية ألا يفهموا، ومسلم في الإيمان "32"، والبغوي في "شرح السُّنة" "49"، من طريق هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، عن قتادة، به.
وأخرجه أحمد 5/228، 236، والطبراني في "الكبير" 20/"83" و"84" و"85" و"76" و"87"، من طرق عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن أنس، عن معاذ.
وأخرجه عبد الرزاق "20546"، وأحمد 5/228، والبخاري "2856" في الجهاد: باب اسم الفرس والحمار، ومسلم "30" "49"، والطبراني 20/"254" و"255" و"256" و"257"، والترمذي "2643" في الإيمان: باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، والبغوي "48"، من طرق عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن معاذ بن جبل، ونسبه المزي في "تحفة الأشراف" 8/411 إلى النسائي في كتاب العلم من السُّنن الكبرى.
وأخرجه أحمد 5/229، 230، والبخاري "7373" في التوحيد: باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله، ومسلم، "30" "50"، والطبراني 20/"317" و"318" و"319" و"320" من طرق عن أبي حصين والأشعث بن سليم، عن الأسود بن هلال، عن معاذ.
وأخرجه أحمد 5/230، والطبراني في "الكبير" 20/"273" من طريق شعبة، وابن ماجة "4296" في الزهد: باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة، من طريق أبي عوانة، كلاهما عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ.
قال الحافظ ابن رجب في شرح البخاري -وهو من محفوظات الظاهرية- ونقله عنه الحافظ في "الفتح" 11/340، تعليقاً على رواية البخاري "قال معاذ: ألا أبشر الناس؟ قال: لا، إني أخاف أن يتكلوا" قال العلماء: يؤخذ من منع معاذ من تبشير الناس لئلا يتكلوا أن أحاديث الرخض لا تشاع شفي عموم الناس لئلا يقصر فهمهم عن المراد به، وقد =
= سمعها معاذ، فلم يزدد إلا اجتهاداً، وخشية لله عز وجل، فأما من لم يبلغ منزلته، فلا يؤمن أن يقصر اتكالاً على ظاهر الخبر.
وقد عارضه ما تواتر من نصوص الكتاب والسنة أن بعض عصاة الموحدين يدخلون النار، فعلى هذا، فيجب الجمع بين الأمرين، وقد سلكوا في ذلك مسالك، أحدهما: قول الزهري: إن هذه الرخصة كانت قبل نزول الفرائض وسيأتي ذلك عنه في حديث عثمان في الوضوء، واستبعده غيره من أن النسخ لا يدخل الخبر وبأن سماع معاذ لهذه كان متأخراً عن أكثر نزول الفرائض، وقيل: لا نسخ، بل هو على عمومه، ولكنه مقيد بشرائط كما ترتب الأحكام على أسبابها المقتضية المتوقفة على انتفاء الموانع، فإذا تكامل ذلك عمل المقتضي عمله، وإلى ذلك أشار وهب بن منبه بقوله المتقدم في كتاب الجنائز في شرح "أن لا إله إلا الله مفتاح الجنة": ليس من مفتاح إلا وله أسنان.
وقيل: المراد ترك دخول نار الشرك.
وقيل: ترك تعذيب جميع بدن الموحدين، لأن النار لا تحرق مواضع السجود.
وقيل: ليس ذلك لكل من وحد وعبد، بل يختص بمن أخلص، والإخلاص يقتضي تحقيق القلب بمعناها، ولا يتصور حصول التحقيق مع الإصرار على المعصية لامتلاء القلب بمحبة الله تعالى وخشيته فتنبعث الجوارح إلى الطاعة، وتنكف عن المعصية.

الصفحة 82