كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 2)

فيها. هل هي مثل رحلة أبي راس يعدد فيها تنقلاته وشيوخه والمسائل العلمية التي عرضت له، أو هل هي مثل رحلة الورتلاني يسجل فيها مسالكه ومنازله ودراساته وأخباره والمرافقين له والحوادث التي جرت له ومشاهداته ونحو ذلك. غير أن قول ولده بأن فيها طرفا وظرفا يدل على أن الرحلة لم تكن كلها عن المسائل العلمية والشيوخ.
ورغم أننا تحدثنا عن رحلة ابن حمادوش في المغرب فإننا نود أن نشير هنا إلى ما يمكن أن يكون قد كتب عن الحجاز وغيره أيضا. حقا إن ما وصل إلينا من رحلته هو قطعة من الجزء الثاني، وهو كما أشرنا يضم أخباره في المغرب والجزائر، ولكن ابن حمادوش كان قد حج سنة 1125، أي قبل ذهابه إلى المغرب، ثم توجه إلى المشرق من جديد سنة 1161 حيث وجدناه في هذا التاريخ في مدينة رشيد أيضا، ولعله قد تجول في مصر وعاود الحج وتنقل في أرض الله، كما أننا لا ندري. هل رجع إلى الجزائر أو ظل في المشرق. ثم إنه كتب الجزء الأول من رحلته وهو ضائع، ولعله واصل كتابة الرحلة في الجزء الثالث أيضا لأن التاريخ الذي كتب فيه الجزء الثانى هو 1156 - 1161. ويغلب على الظن أن لابن حمادوش أيضا رحلة حجازية أو مشرقية سجلها إما في الجزء الأول من (لسان المقال في النبا عن الحسب والنسب والآل) أو في الجزء الثالث. فقد عاش عمرا طويلا بعد الجزء الذي كتبه، بلغ عند البعض ثلاثين سنة (¬1).
أما رحلة ابن عمار المسماة (نحلة اللبيب في أخبار الرحلة إلى الحبيب) فأمرها يختلف. فابن عمار قد حج لأول مرة سنة 1166 وقد جاور بالحرمين حوالي اثني عشر سنة. وتنقل بين الجزائر والمشرق عدة مرات. فقد وجدناه بتونس سنة 1195 التي جاءها بقصد الإقامة، كما ذكرنا. ووجدناه سنة 1205 يجيز محمد خليل المرادي في مكان لا نعرفه ولعله مكة
¬__________
(¬1) ولد ابن حمادوش سنة 1107 كما ذكر ذلك عن نفسه وعاش حوالي تسعين سنة فيكون قد عاش إلى حوالي سنة 1197، انظر ترجمتنا له في فصل العلوم والفنون من
هذا الجزء.

الصفحة 391