كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 2)

على الحكم والمعاني، وأدخلهم حضرتهم القدسية). ولا شك أن هذه العبارات وأمثالها هي التي جعلت بعضهم يصنف الكتاب في علم التصوف. والواقع أن عبد الله التلمساني كان ملما بالفلسفة القديمة غاية الإلمام، ولكنه في عصر يرتبط فيه كل شيء بالتصوف كان كلامه لا يخلو من مزالق في هذا الباب. وكان في عمله عميق النظر متحررا بالنسبة إلى علماء عصره. وقد ناقش في كتابه مجموعة من القضايا التي كانت تعتبر محل جدال ونظر بين العلماء، ولا سيما في كتابه (تنبيه التلميذ) الذي حاول فيه التوفيق بين الشريعة والحقيقة والطريقة.
وفي هذا الباب أيضا نجد أحد التلمسانيين يقوم بشرح رجز أبي مقرع في الفلك. ونحن وإن كنا لا ندري الآن اسم هذا المؤلف فإنه يغلب على الظن أنه من أهل القرن العاشر أو الحادي عشر. واسم هذا الكتاب أو الشرح الكبير هو (التاج المرصع في شرح رجز أبي مقرع). ورغم أن هذا الكتاب مبتور الأول قليلا فإنه من الواضح أنه يبدأ بمولد الرسول (صلى الله عليه وسلم). وقد ضمنه المؤلف جداول كثيرة، وجاء بالخصوص بجدول لعرض مدينة تلمسان التي كان شديد الارتباط بها، حتى أنه كلما ذكرها في الكتاب قال: (أبقاها الله دار إيمان). ومن الذين نقل عنهم في ذلك محمد بن يوسف السنوسي وابن أبي حجلة (وكلاهما من علماء تلمسان) والجادري ونحوهم (¬1). وينسب إلى أحمد المقري أيضا عمل في علوم الجفر والزيارجة بعنوان (النمط الأكمل في ذكر المستقبل) (¬2). ولكننا عرفنا أن ميدان المقري هو الأدب والتاريخ والحديث وليس علوم الغيبيات وأسرار الحروف والكواكب. ولعل هذا التأليف منسوب إليه خطأ.
¬__________
(¬1) ولكونه مبتور الأول لم نستطع أن نتعرف على اسم المؤلف، وهو ضخم الحجم وغير مرقم، والنسخة التي اطلعنا عليها تعود إلى سنة 1191، وناسخها هو السيد علي بن عمرو نصر. مخطوط باريس رقم 2568.
(¬2) منه نسخة في مكتبة جامعة برنستون (قسم يهودا) رقم 4621 مجموع، وقد صورناه من هناك، وفيه فصلان، وهو في 11 ورقة.

الصفحة 412