كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 2)

نفسه بأنه (طبيب الفقراء) (¬1).
وقد كانت مصادر الطب العربي متوفرة في الجزائر، وكنا لاحظنا من دراستنا للمكتبات وفرة الكتب الطبية ولا سيما تآليف ابن رشد وابن سينا وداود الأنطاكي وابن البيطار. وفي رحلة ابن حمادوش أسماء مؤلفات طبية بالعربية وأخرى مترجمة كان يرجع إليها هو وأمثاله، كما أن مدرسة تلمسان الطبية لم تأفل تماما، ولا شك أن كتابات إبراهيم بن أحمد التلمساني ومحمد بن يوسف السنوسي في الطب كانت معروفة ومتداولة (¬2)، ورغم أننا لا نعرف تأليفا في الطب لسعيد المقري فإن تلاميذه ومعاصريه يقولون عنه إنه كان يجمع بين العلوم النقلية والعقلية، ولا سيما الطب والتشريح والهندسة والفلاحة والتنجيم (¬3).
والجمع بين التأليف في التصوف والطب لم يكن مقصورا على السنوسي. فهذا محمد بن سليمان الذي وضع موسوعة ضخمة في التصوف، وكان ممن جمع بين العلم والتصوف، قد نظم رجزا في الموازين والمكاييل الطبية والشرعية جاء فيه:
ودانق حبوبه ثمان ... من أوسط الشعير لانقصان
ورطلهم في الطب بالبغدادي ... والوزن في الزكاة قال الهادي
يكون بالمكي والمكيال ... بالمدني مدمن ماء قالوا
كما نقل عن محمد السنوسي في شرحه لحديث المعدة، وعن بعض
¬__________
(¬1) أحمد توفيق المدني (محمد عثمان باشا) 160.
(¬2) انظر الفصل الأول من الجزء الأول من هذا الكتاب، فقرة الطب والعلوم الأخرى.
(¬3) ابن مريم (البستان)، 105. يبدو أن ابن مريم قد اشتهر بين معاصريه بكتاب (فتح الجليل في أدوية العليل) أكثر من اشتهاره بكتاب (البستان). ذلك أن ابن سليمان في (كعبة الطائفين) 2/ 222 حين أراد تعريف ابن مريم قال عنه (مؤلف الشيخ الرقعي)،
ولم يقل عنه صاحب كتاب (البستان) مثلا. وبعد اطلاعنا على (فتح الجليل) وجدناه كتابا في العقائد والتصوف، انظر نسخة المكتبة الوطنية - تونس رقم 4412، أوراقها 178.

الصفحة 420