كتاب درر الحكام في شرح مجلة الأحكام (اسم الجزء: 2)

[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِي الرَّهْنِ مُقَابِلِ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ الْمَجْهُولِ]
يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الرَّهْنِ الْوَاقِعِ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ.
يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ وَالرَّهْنَ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ كِلَاهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالِاخْتِلَافُ فِي التَّعْبِيرِ فَقَطْ.
(الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي أَوَائِلِ الرَّهْنِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
مَسْأَلَةٌ (8) : يَصِحُّ الرَّهْنُ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ 0 يَعْنِي إذَا أَعْطَى رَجُلٌ آخَرَ رَهْنًا مُقَابِلَ الْمَبْلَغِ الَّذِي وَعَدَهُ بِإِقْرَاضِهِ إيَّاهُ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمَوْعُودَ جُعِلَ كَالْمَوْجُودِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ فَكَمَا أَنَّ الرَّهْنَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْجُودِ صَحِيحٌ فَقَدْ جُوِّزَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ أَيْضًا (زَيْلَعِيٌّ) .
سُؤَالٌ: كَانَ مِنْ الْوَاجِبِ تَجْوِيزُ الرَّهْنِ مُقَابِلَ الدَّرْكِ بِجَعْلِ الْمَعْدُومِ مَوْجُودًا بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ أَيْضًا هُنَا.
وَإِذَا كَانَ مِقْدَارُ الْقَرْضِ الْمَوْعُودِ غَيْرَ مَعْلُومٍ - كَرَهْنِ شَخْصٍ مَالَهُ الْمَعْلُومَ عِنْدَ آخَرَ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ كَمْ قِرْشٍ - فَالرِّوَايَةُ فِي هَذَا مُخْتَلِفَةٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ هَذَا الرَّهْنُ لَيْسَ مَضْمُونًا، وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ وَشَارِحُهُ: إنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ هِيَ الْأَصَحُّ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى. الْمُرْتَهِنُ مَجْبُورٌ عَلَى إقْرَاضِ الرَّاهِنِ مِقْدَارَ الشَّيْءِ الَّذِي يُرِيدُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ حَيْثُ إنَّهُ اسْتَوْفَى مِقْدَارَ شَيْءٍ مِنْ الرَّهْنِ فَيَعُودُ بَيَانُ مِقْدَارِ هَذَا الشَّيْءِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ.
كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي أَقْدَارِ الْمَجْهُولِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1579) (الزَّيْلَعِيّ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
يُجْعَلُ الْمَعْدُومُ كَالْمَوْجُودِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَعْدُومُ عَلَى شَرَفِ الْوُجُودِ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْإِنْسَانِ أَنْ يُنْجِزَ وَعْدَهُ أَمَّا فِي الدَّرْكِ فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إذْ إنَّ الشَّخْصَ الْعَاقِلَ لَا يَقْدُمُ عَلَى بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ وَالظَّاهِرُ فِيهِ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ (الْعِنَايَةُ) أَمَّا حُكْمُ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ فَهُوَ إذَا تَلِفَ الدَّيْنُ الْمَوْعُودُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَدْلِ قَبْلَ إعْطَائِهِ لِلرَّاهِنِ يُنْظَرُ إذَا كَانَ مِقْدَارُ الْمَوْعُودِ مَعْلُومًا وَكَانَ مُسَاوِيًا لِقِيمَةِ الرَّهْنِ يَوْمَ الْقَبْضِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ مَجْبُورًا بِأَدَاءِ الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ لِلرَّاهِنِ أَيْ الْمَبْلَغِ الَّذِي وَعَدَ بِأَدَائِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَدَاءُ مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ وَالِامْتِنَاعُ عَنْ إعْطَاءِ الْمِقْدَارِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ بِسَوْمِ الرَّهْنِ هُوَ كَالْمَقْبُولِ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ وَلَمَّا كَانَ الْمَقْبُوضُ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونًا فِيمَا إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ضَمَانُ ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الرَّهْنِ) .
فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا تَلِفَ الرَّهْنُ الَّذِي قُبِضَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ الْمَجْهُولِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَعَلَى

الصفحة 109