كتاب درر الحكام في شرح مجلة الأحكام (اسم الجزء: 2)

الَّتِي أَعْطَاهَا هِيَ الدَّيْنُ الَّذِي يُصِيبُ حِصَّةَ الْمَالِ الْعَائِدِ إلَى فُلَانٍ مِنْ ذَيْنِك الشَّخْصَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بَلْ يُعَدُّ الْمَبْلَغُ الْمُعْطَى كَأَنَّهُ أُدِّيَ لِأَجْلِ الِاثْنَيْنِ وَبَعْدَ أَنْ يَقْضِيَ بَاقِي الدَّيْنِ بِالِاشْتِرَاكِ يَسْتَخْلِصَانِ مَالَهُمَا. (الْهِنْدِيَّةُ) .

رُجُوعُ الْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ الْأَدَاةِ أَوْ بَعْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ.
لِلْمُعِيرِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الرَّاهِنِ الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ الزَّائِدَ عَلَى قِيمَةِ الْمُسْتَعَارِ وَيَسْتَخْلِصَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ الْمُسْتَعِيرَ صَرَاحَةً بِقَوْلِهِ (اقْضِ دَيْنِي) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَا تُقَاسُ عَلَى الْمَادَّةِ (1506) ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ مَجْبُورٌ عَلَى أَدَاءِ دَيْنِ الْمُسْتَعِيرِ لِأَجْلِ اسْتِخْلَاصِ الْمُسْتَعَارِ فَلَا يُعَدُّ مُتَبَرِّعًا فِي هَذَا الْأَدَاءِ الزَّيْلَعِيّ.
وَلَكِنَّهُ اخْتَلَفَ فِي الْكَمْيَّةِ الَّتِي يُرَاجِعُ فِيهَا الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ: فَنَظَرًا لِمَا ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ وَجَزَمَ فِي الدُّرَرُ وَكَمَا سَيُبَيِّنُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ " 741 " عَنْ مِقْدَارِ مَا يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ يَحِقُّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ بِهَذَا الْمِقْدَارِ فَقَطْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ. وَفِي مَا زَادَ عَنْهُ يَكُونُ الْمُعِيرُ مُتَبَرِّعًا يَعْنِي لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِأَلْفِ قِرْشٍ فِي الْمِثَالِ الْمَبْسُوطِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ شَرْحًا تَحْتَ عِنْوَانِ " ذَلِكَ الدَّيْنِ ". وَلَا يَحِقُّ لَهُ الرُّجُوعُ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ وَيَكُونُ الْمُعِيرُ مُتَبَرِّعًا فِي تَأْدِيَةِ الدَّيْنِ الَّذِي يَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الْمُسْتَعَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ لَكَانَ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنًا قِيمَتَهُ فَقَطْ أَيْ لَوَجَبَ عَلَيْهِ إعْطَاءُ قِيمَتِهِ إلَى الْمُعِيرِ.
وَلَمَّا كَانَ ضَامِنًا الزِّيَادَةَ عَنْ قِيمَتِهِ فَكَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْهَلَاكِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْحُكْمُ فِي الْفَكِّ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَالْمُعِيرُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي مَا زَادَ عَنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ. (الْكِفَايَةُ وَالْخَانِيَّةُ) .
سُؤَالٌ: مَا دَامَ أَنَّ الْمُعِيرَ لَا يَقْتَدِرُ عَلَى اسْتِخْلَاصِ مِلْكِهِ مَا لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ كُلَّهُ وَهُوَ مُضْطَرٌّ وَمَجْبُورٌ عَلَى إيفَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ فَمَا كَانَ مِنْ الْوَاجِبِ أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا فِي مَا زَادَ عَنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ.
الْجَوَابُ: إنْ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ نَشَأَ عَنْ تَأْدِيَةِ دَيْنِهِ بِمِلْكِ الْمُسْتَعِيرِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ رُجُوعُ الْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ أَيْ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي يُمْكِنُ أَدَاءُ الدَّيْنِ بِهِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي يُمْكِنُ سُقُوطُهُ مِنْ الدَّيْنِ فِي حَالِ هَلَاكِ الرَّهْنِ وَلَيْسَ بِالزِّيَادَةِ أَبُو السُّعُودِ. وَالْوَاقِعُ وَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُعِيرُ بِسَبَبِ أَدَائِهِ مَبْلَغًا زَائِدًا وَلَكِنْ لِكَوْنِهِ لَمْ يُقَيِّدْ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ الرَّهْنَ بِقِيمَةِ الْمُسْتَعَارِ فَالتَّقْصِيرُ حَصَلَ مِنْهُ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَمْ يَكُنْ مَجْبُورًا عَلَى إعْطَاءِ زِيَادَةِ الْقِيمَةِ بَلْ مُخْتَارًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَالْحُكْمُ فِي سُقُوطِ الدَّيْنِ بِسَبَبِ هَلَاكِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا سَيَذْكُرُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) وَفِي سُقُوطِ الدَّيْنِ بِنِسْبَةِ الْعَيْبِ الطَّارِئِ عَلَى الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا هُمَا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي الضَّمَانِ وَالْخَانِيَّةُ) .
وَلَوْ لَمْ يَهْلَكْ وَلَكِنَّهُ تَعَيَّبَ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ وَعَلَيْهِ لِلْمُعِيرِ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْأَنْقِرْوِيُّ.
وَلَكِنَّهُ نَظَرًا لِبَيَانِ صَاحِبِ الْمُلْتَقَى يَرْجِعُ الْمُعِيرُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالشَّيْءِ الَّذِي أَدَّاهُ لِلْمُرْتَهِنِ. يَعْنِي يَرْجِعُ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَالزَّيْلَعِيّ أَيْضًا رَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ " لَمَّا كَانَ الْمُعِيرُ مَجْبُورًا أَوْ مُضْطَرًّا عَلَى تَأْدِيَةِ جَمِيعِ الدَّيْنِ لِيَسْتَرْجِعَ مَالَهُ فَلَا يُعَدُّ مُتَبَرِّعًا فِي التَّأْدِيَةِ الْمَذْكُورَةِ يَعْنِي فِي أَدَاءِ الدَّيْنِ الزَّائِدِ عَنْ قِيمَةِ

الصفحة 160