كتاب درر الحكام في شرح مجلة الأحكام (اسم الجزء: 2)

عَلَى مَا اُسْتُنْبِطَ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الدَّائِنُ وَحَيْثُ إنَّ الذِّمَمَ مُخْتَلِفَةٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْبَعْضَ مِنْ النَّاسِ يُوقِعُونَ الْمُشْكِلَاتِ فِي إيفَاءِ الدَّيْنِ وَيُمَاطِلُونَ مَعَ اقْتِدَارِهِمْ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ وَأَنَّ الْبَعْضَ الْآخَرَ لَيْسَ لَهُ اقْتِدَارٌ أَلْبَتَّةَ فَالْقَوْلُ بِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ بِدُونِ قَبُولِ الْمُحَالِ لَهُ يَضُرُّ الْمُحَالَ لَهُ رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (19 وَ 680) النِّهَايَةُ، مَثَلًا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِرَجُلٍ آخَرَ: خُذْ عَلَيْكَ حَوَالَةَ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيَّ لِفُلَانٍ وَقَبِلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ تَنْعَقِدُ الْحَوَالَةُ مَوْقُوفَةً عَلَى قَبُولِ فُلَانٍ فَإِنْ قَبِلَ الْمُحَالُ لَهُ - فُلَانٌ - تَكُونُ الْحَوَالَةُ نَافِذَةً وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَتَكُونُ مُنْفَسِخَةً، وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ اتِّحَادَ مَجْلِسِ الْحَوَالَةِ يَعْنِي حُضُورَ الْمُحَالِ لَهُ أَوْ نَائِبِهِ فِي مَجْلِسِ الْحَوَالَةِ، وَقَبُولُهُ الْحَوَالَةَ لَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِ الْحَوَالَةِ بَلْ لِنَفَاذِهَا، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَالْإِمَامُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - اجْتَهَدَا بِأَنَّ اتِّحَادَ الْمَجْلِسِ شَرْطٌ لِانْعِقَادِ الْحَوَالَةِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ، أَنَّ الْحَوَالَةَ الَّتِي أُجْرِيَتْ فِي غِيَابِ الْمُحَالِ لَهُ لَا تَنْعَقِدُ وَلَوْ قَبِلَهَا عِنْدَ إعْلَامِهِ، إذْ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ اجْتَهَدَ بِأَنَّ اتِّحَادَ الْمَجْلِسِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِانْعِقَادِ الْحَوَالَةِ بَلْ لِنَفَاذِهَا، فَأُسِّسَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَهِيَ مَعْمُولٌ بِهَا الْيَوْمَ بِالْأَمْرِ السُّلْطَانِيِّ (الْبَحْرُ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ) .

الصفحة 23