كتاب درر الحكام في شرح مجلة الأحكام (اسم الجزء: 2)

أُخْرَى وَيُقَالُ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ - رِوَايَةُ الزِّيَادَاتِ - عَدَا عَنْ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ ضَرَرٌ فِي الْحَوَالَةِ الْمُنْعَقِدَةِ بِدُونِ رِضَا الْمُحِيلِ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ وَحَيْثُ إنَّ لِلْمُحِيلِ مَنْفَعَةً فِي هَذِهِ الْحَوَالَةِ فَرِضَا الْمُحِيلِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ غَيْرُ لَازِمٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَدْ مَرَّ إيضَاحُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَهَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (681) وَالْمَادَّةِ (681) مِنْ الْمَجَلَّةِ أُسِّسَتْ عَلَى (رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ) هَذِهِ، وَكَمَا وَضَحَ شَرْحُ الْمَادَّةِ 681 الْمَارِّ ذِكْرُهَا فَيَحْصُلُ مِنْ تَفْصِيلَاتِ (صَاحِبِ الْعِنَايَةِ) تَوْفِيقٌ حَسَنٌ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ السَّابِقَتَيْ الذِّكْرِ وَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ، وَنَظَرًا لِلتَّفْصِيلَاتِ السَّابِقَةِ شُرِطَ عَلَيْهِ كَوْنُ الْمُحِيلِ عَاقِلًا وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلصُّورَةِ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الْحَوَالَةُ إحَالَةً بِنَاءً عَلَى عَدَمِ لُزُومِ حُضُورِ الْمُحِيلِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي عُقِدَتْ فِيهِ الْحَوَالَةُ وَعَدَمِ لُزُومِ انْضِمَامِ إذْنِهِ وَرِضَاهُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ مَثَلًا كَمَا أَنَّهُ لِشَخْصٍ فِي يَافَا أَنْ يَكْفُلَ دَيْنَ رَجُلٍ مَوْجُودٍ فِي الْقُدْسِ حَوَالَةً عَلَيْهِ، وَنَظَرًا لِعَدَمِ وُجُودِ فَائِدَةٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَاقِلًا أَمْ لَا حَالَةَ كَوْنِهِ فِي يَافَا وَلَا دَخْلَ وَلَا مَعْلُومَاتِ لَهُ فِي الْعَقْدِ، فَمِنْ اللَّازِمِ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ كَوْنُ الْمُحِيلِ عَاقِلًا فِي الْحَوَالَةِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَادَّةِ (681) ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَرِدُ سُؤَالٌ وَهُوَ بِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ اخْتَارَتْ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ فِي الْمَادَّةِ (681) وَبِذِكْرِهَا شَرْطَ كَوْنِ الْمُحِيلِ عَاقِلًا تَكُونُ قَبِلَتْ الرِّوَايَةَ الْأُولَى.
وَأَمَّا حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَوَادِّ 680، 682، 683 فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُحِيلُ عَاقِلًا فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي كَانَ دَاخِلًا فِيهَا وَاَلَّتِي كَانَ إيجَابُهَا وَقَبُولُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ غَيْرِ الْعَاقِلِ الْقَوْلِيَّةَ حَتَّى الَّتِي هِيَ نَفْعٌ مَحْضٌ بِحَقِّهِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَلَا اعْتِبَارَ لِإِيجَابِهِ وَقَبُولِهِ، فَاشْتِرَاطُ الْمَجَلَّةِ كَوْنَ الْمُحِيلِ عَاقِلًا هُوَ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي عُقِدَتْ عَلَى مُوجَبِ الْمَوَادِّ 680، 682، 683، وَلَا يُوجَدُ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَادَّةِ 681، وَهَذَا جَوَابٌ عَلَى السُّؤَالِ السَّابِقِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ عِبَارَةُ (بِنَاءً عَلَيْهِ. .. إحَالَتُهُ دَيْنًا عَلَى أَحَدٍ) الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَإِذَا قُبِلَ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ قَدْ أَخْرَجَ شَرْطَ كَوْنِ الْمُحِيلِ عَاقِلًا مِنْ الْإِطْلَاقِ مَعَ أَنَّهُ مَذْكُورٌ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ، وَجَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ لَفْظُ (مُحِيلٌ) وَمَعْنَاهُ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ 674 الَّذِي يُحِيلُ فَبِنَاءً عَلَى هَذَا لَا شَكَّ فِي صِحَّةِ هَذَا الْجَوَابِ، فَلْنُفَصِّلْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَلِيلًا أَيْضًا: لَدَى عَقْدِ الْحَوَالَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَادَّةِ (680) يَعْنِي إذَا أَحَالَ شَخْصٌ دَائِنَهُ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ وَقَبِلَ الْمُحَالُ لَهُ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ تَنْعَقِدُ الْحَوَالَةُ، وَلَكِنَّ كَوْنَ الْمُحِيلِ عَاقِلًا شَرْطٌ فِي هَذِهِ، وَإِذَا كَانَ الْمُحِيلُ مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَهَلْ يَكُونُ إيجَابُهُ بَاطِلًا وَهَلْ تَنْعَقِدُ الْحَوَالَةُ مِنْ قَبِيلِ الْمَادَّةِ 681 بِإِيجَابِ وَقَبُولِ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ؟ الظَّاهِرُ هُوَ أَنَّ إيجَابَ الْمُحِيلِ بَاطِلٌ، وَتَنْعَقِدُ الْحَوَالَةُ بِإِيجَابِ وَقَبُولِ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ وَتَكُونُ هَذِهِ الْحَوَالَةُ احْتِيَالًا، إذَا عُقِدَتْ الْحَوَالَةُ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ 682 يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُحِيلُ عَاقِلًا فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ يَكُونُ الْإِيجَابُ بَاطِلًا، وَبَعْدَ ذَلِكَ إذَا أَعْلَمَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ

الصفحة 26