كتاب درر الحكام في شرح مجلة الأحكام (اسم الجزء: 2)

يَصِيرُ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ كَذَلِكَ الشَّخْصُ إنْ كَانَ لَهُ كَفِيلٌ يَبْرَأُ أَيْضًا. وَيَطْلُبُ الْمُحَالُ لَهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ الدَّيْنَ مِنْ الْأَصِيلِ يَعْنِي مِنْ زَيْدٍ، وَلَيْسَ مِنْ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَمْ يَكُنْ كَفِيلًا لِمَطْلُوبِ الدَّائِنِ بَلْ كَفِيلًا لِدَيْنِ ذَلِكَ الشَّخْصِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . بَعْضُ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٍ عَلَى الْحُكْمِ الثَّالِثِ:
1 - مَسْأَلَةٌ: إذَا أَحَالَ الْمُرْتَهِنُ أَحَدًا عَلَى دَائِنِهِ - بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالدَّيْنِ عَلَى الرَّاهِنِ فَلَا يَبْقَى لَهُ صَلَاحِيَّةٌ بِحَبْسِ الرَّاهِنِ وَتَوْقِيفِهِ.
يَعْنِي حَيْثُ إنَّ الرَّاهِنَ يَصِيرُ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ لِلْمُرْتَهِنِ بِهَذِهِ الْحَوَالَةِ فَيَلْزَمُ رَدُّ الرَّهْنِ إلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (729) هُوَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ الْحَبْسِ فِيهِ لِحِينِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ، وَلَمَّا انْقَطَعَ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُرْتَهِنِ بِدَيْنِهِ الَّذِي بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ بِسَبَبِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ بِإِجْرَاءِ الْحَوَالَةِ فَلَمْ يَعُدْ إمْكَانٌ لِحَبْسِ الرَّهْنِ وَإِلَّا لَا يَبْقَى هَذَا الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُحَالِ لَهُ بِصِفَةِ رَهْنٍ.
2 - مَسْأَلَةٌ: إذَا أَحَالَ شَخْصًا عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَجْلِ قَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (282) يَكُونُ أَسْقَطَ حَقَّ حَبْسِهِ فِي الْمَبِيعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ صَارَ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ لِلْبَائِعِ. وَجَاءَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ (إذَا أَحَالَ الْمُرْتَهِنُ أَحَدًا عَلَى الرَّاهِنِ. ..) لِأَنَّهُ إذَا أَحَالَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِدَيْنِهِ عَلَى أَحَدٍ فَقَبِلَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُرْتَهِنُ الْمَبْلَغَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَا يَسْقُطُ حَقُّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمَجَلَّةِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَصِلْ مَطْلُوبُ الْمُرْتَهِنِ إلَى يَدِهِ بَعْدُ يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَجَلَّةِ حَيْثُ إنَّ حَقَّ مُطَالَبَةِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ سَقَطَ فَسَقَطَ أَيْضًا حَقُّ حَبْسِهِ لِلرَّهْنِ، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الشَّرْحِ فَحَقُّ الْمُطَالَبَةِ بَاقٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَأَفَادَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةُ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ - مَسْأَلَةَ الشَّرْحِ - عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَفْتَى بِهَا فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الرَّهْنِ مِنْ الْفَتَاوَى التُّرْكِيَّةِ الْمُسَمَّى (الْبَهْجَةُ) . وَيُفْهَمُ مِنْ حَصْرِ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ وَالْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ قَالَا بِسُقُوطِ حَقِّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ. وَفِي الْحَقِيقَةِ إنْ كَانَ مَذْهَبُ الْإِمَامَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهِ مَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَعِنْدَ الْعَاجِزِ يَلْزَمُ تَرْجِيحُ هَذَا الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ يَرِدُ سُؤَالٌ بِالْوَجْهِ الْآتِي عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَرْوِيِّ عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَاَلَّذِي عَدَّتْهُ الْبَهْجَةُ مُفْتًى بِهِ وَهُوَ إذَا أَحَالَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ الَّذِي بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَقَبِلَ هَذَا الْحَوَالَةَ يَصِيرُ الرَّاهِنُ بِمُوجَبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الرَّاهِنِ انْتَقَلَ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ. وَصَارَ الْمَدِينُ تِجَاهَ الْمُرْتَهِنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الرَّاهِنِ، فَفِي الْحَالَةِ هَذِهِ أَيْ حَتَّى يَبْقَى لِلْمُرْتَهِنِ بِأَنْ يَحْبِسَ وَيَمْسِكَ الرَّهْنَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الرَّاهِنِ فِي مُقَابَلَةِ مَطْلُوبِهِ الَّذِي بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَأَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الرَّهْنَ إذَا لَمْ يُؤَدِّ الْمُحَالُ عَلَيْهِ دَيْنَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَفِي الْوَاقِعِ وَإِنْ كَانَ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُرْتَهِنِ بَاقِيًا فَهَذَا الْحَقُّ لَيْسَ مُتَوَجِّهًا إلَى الرَّاهِنِ بَلْ إلَى

الصفحة 37