كتاب درر الحكام في شرح مجلة الأحكام (اسم الجزء: 2)

شَخْصٌ دَيْنَهُ الَّذِي لِآخَرَ عَلَى شَخْصٍ غَيْرِهِ وَأَحَالَ هَذَا الشَّخْصُ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ عَلَى الشَّخْصِ الْأَوَّلِ وَهَلَكَ الدَّيْنُ عِنْدَ هَذَا الْأَخِيرِ لَا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْوَجْهُ الثَّانِي فَسْخُ الْحَوَالَةِ وَهَذَا أَيْضًا نَوْعَانِ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْفَسْخُ بِالْإِقَالَةِ. يَعْنِي أَنَّ الْحَوَالَةَ تَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحِيلِ، وَيَكُونُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَرِيئًا بِهَذِهِ الصُّورَةِ. وَيَرْجِعُ الدَّيْنُ وَالْمُطَالَبَةُ إلَى الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّ فِي الْحَوَالَةِ مَعْنَى مُبَادَلَةِ مَالٍ بِمَالٍ. وَتَكُونُ هَذِهِ مُتَحَمِّلَةٌ لِلْفَسْخِ وَالْإِقَالَةِ أَيْضًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ (الْبَدَائِعُ فِي الْحَوَالَةِ) . كَمَا لَوْ أَخَذَ شَخْصٌ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ بِذِمَّةِ رَجُلٍ حَوَالَةً عَلَى شَخْصٍ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ أَخَذَ سَنَدًا مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ الَّذِي أُحِيلَ أُخْبِرَ الْمُحَالُ لَهُ بِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ مُفْلِسٌ فَطَلَبَ الْمُحِيلُ مِنْ الْمُحَالِ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ السَّنَدَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَيَتْرُكَ الْحَوَالَةَ وَأَعْطَاهُ السَّنَدَ تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ شَيْئًا بِلِسَانِهِ. (الْبَزَّازِيَّةُ) .
النَّوْعُ الثَّانِي، الْفَسْخُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ. وَخِيَارُ الشَّرْطِ هَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ الْمُحَالِ لَهُ وَشَرْطُ الْخِيَارِ لِلْمُحَالِ لَهُ جَائِزٌ فِي الْحَوَالَةِ وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْمُحَالُ لَهُ مُخَيَّرًا: إنْ شَاءَ أَمْضَى الْحَوَالَةَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْحَوَالَةَ وَرَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ) ، رَاجِعْ شَرْحَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ السَّادِسِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَحَالَ الْمُحَالَ لَهُ عَلَى أَنْ يَظَلَّ حَقُّ رُجُوعِهِ عَلَى الْمُحِيلِ بَاقِيًا مَتَى شَاءَ فَالْحَوَالَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (682، 649) . وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ الْمُحَالُ لَهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْمُحِيلِ أَوْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْحَوَالَةِ) . وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا فَسَخَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ فِي مُدَّةِ خِيَارِهِ تَنْفَسِخُ وَيَرْجِعُ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ.
بَعْضُ مَسَائِلَ فِي التَّوَى:
مَسْأَلَةٌ 1: إذَا ادَّعَى الْمُحَالُ لَهُ بِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ أَنْكَرَ الْحَوَالَةَ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ غَائِبٌ وَقَصَدَ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ فَإِنْ صَادَقَ الْمُحِيلُ صَحَّ ذَلِكَ وَرَجَعَ الْمُحَالُ لَهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُصَادِقْ لَا تَكُونُ دَعْوَاهُ هَذِهِ فِي غِيَابِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ صَحِيحَةً وَلَا بَيِّنَتُهُ مَسْمُوعَةً. وَإِذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ حَاضِرًا وَأَنْكَرَ الْحَوَالَةَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ. بِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ الْحَوَالَةَ وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ أَثْنَاءَ شَرْحِ الْمَادَّةِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (77) . (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي آخِرِ الْحَوَالَةِ وَالْبَهْجَةُ عَنْ الْبَحْرِ) .
مَسْأَلَةٌ 2: إذَا قَدَّمَ الْمُحَالُ لَهُ دَعْوَى بِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ تُوُفِّيَ مُفْلِسًا وَادَّعَى الْمُحِيلُ وَفَاتِهِ غَنِيًّا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ يَسَارِهِ لِلْمُحَالِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُحَالَ لَهُ يَدَّعِي الظَّاهِرَ وَالْأَصْلَ وَهُوَ الْعُسْرَةُ وَعَدَمُ الْيَسَارِ. وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَرْجِعُ الْمُحَالُ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ (هَامِشُ الْأَنْقِرْوِيِّ فِي الْحَوَالَةِ وَالْهِنْدِيَّةِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْحَوَالَةِ) .

الصفحة 40