كتاب درر الحكام في شرح مجلة الأحكام (اسم الجزء: 2)

أَمِينًا بِالرَّهْنِ مِنْ الْخَوْفِ مِنْ تَلَفِ حَقِّهِ كَامِلًا أَوْ قِسْمًا بِأَنْ يُنْكِرَ الْمَدْيُونُ دَيْنَهُ أَوْ أَنْ لَا يَتْرُكَ مِنْ أَمْوَالِهِ شَيْئًا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْهَا أَوْ أَنْ يُسْرِفَ الْمَدْيُونُ فِي أَمْوَالِهِ أَوْ أَنْ يَأْخُذَ الدَّائِنُونَ الْآخَرُونَ حِصَّتَهُمْ فِي أَمْوَالِ الْمَدْيُونِ وَيَضِيعُ حَقُّ الدَّائِنِ كَامِلًا أَوْ قِسْمًا، وَلِذَلِكَ كَانَ فِي الرَّهْنِ فَائِدَةٌ وَنَفْعٌ لِلدَّائِنِ وَالْمَدْيُونِ مَعًا وَإِذَا جُرِيَ مُقَايَسَةٌ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَنْفَعَتَيْنِ يُرَى أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي تَعُودُ عَلَى الرَّاهِنِ أَعْظَمُ وَأَكْبَرُ فَلِذَلِكَ تَعُودُ الْمَصَارِفُ الْوَارِدُ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (724) عَلَى الرَّاهِنِ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . كَذَلِكَ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَرْهُونِ بَعْدَ تَلَفِهِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَتَضْمِينِهِ لِلْمُرْتَهِنِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ حَسْبَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) .
الْوَثِيقَةُ أَرْبَعَةٌ: الرَّهْنُ وَالْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَلَكِنَّهُ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَهَا إذْ أَنَّ الرَّهْنَ عَقْدُ وَثِيقَةٍ بِمَالٍ أَمَّا الْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ فَهُمَا عَقْدَا وَثِيقَةٍ بِذِمَّةٍ، وَأَمَّا الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ وَثِيقَةً إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِعَقْدٍ وَيُطْلَقُ عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي يُوَثَّقُ وَيُؤَكَّدُ بِهِ شَيْءٌ وَثِيقَةٌ (الشِّبْلِيُّ) . الرَّهْنُ فِي اللُّغَةِ حَبْسُ وَوَقْفُ شَيْءٍ لِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ سَوَاءٌ كَانَ السَّبَبُ دَيْنًا أَوْ أَيَّ سَبَبٍ آخَرَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّيْءُ مَالًا أَوْ غَيْرَ مَالٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38] أَيْ مَحْبُوسَةٌ بِمَا نَالَتْ وَكَسَبَتْ مِنْ الْمَعَاصِي (شَرْحُ الْهِدَايَةِ) فَعَلَيْهِ يَكُونُ نَقْلُ وَاسْتِعْمَالُ الرَّهْنِ فِي مَعْنَى الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ مِنْ قَبِيلِ نَقْلِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ.

الصفحة 63