كتاب درر الحكام في شرح مجلة الأحكام (اسم الجزء: 2)

الْكِتَابُ الْخَامِسُ فِي الرَّهْنِ:
وَهُوَ يَحْتَوِي عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَأَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ الْمُقَدِّمَةُ (الْمَادَّةُ 701) الرَّهْنُ جَعْلُ مَالٍ مَحْبُوسٍ وَمَوْقُوفٍ مُقَابِلَ حَقٍّ مُمْكِنِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْمُحَالِ (الْمَادَّةُ 701) الرَّهْنُ جَعْلُ مَالٍ مَحْبُوسٍ وَمَوْقُوفٍ مُقَابِلَ حَقٍّ مُمْكِنِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْمُحَالِ وَكَمَا يُقَالُ لَهُ مَرْهُونٌ يُقَالُ لَهُ أَيْضًا رَهْنٌ. الرَّهْنُ لُغَةً جَعْلُ شَيْءٍ مَحْبُوسًا وَمَوْقُوفًا لِسَبَبٍ مَا، سَوَاءٌ أَكَانَ السَّبَبُ دَيْنًا أَوْ خِلَافَهُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ، فَبِنَاءً عَلَى هَذَا يَكُونُ نَقْلُ وَاسْتِعْمَالُ الرَّهْنِ لِلْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ قَبِيلِ نَقْلِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ كَمَا وَرَدَ فِي كِتَابِ الْهِدَايَةِ. وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ الرَّهْنُ جَعْلُ مَالٍ مَحْبُوسٍ وَمَوْقُوفٍ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ بِيَدِ الْعَدْلِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ لِقَاءَ حَقٍّ مَعْلُومٍ وَعَلَى رِوَايَةِ مَجْهُولٍ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ تَرْكُ الرَّاهِنِ مَالًا مَحْبُوسًا وَمَوْقُوفًا بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ وَيُعَبَّرُ عَنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ بِالْمَرْهُونِ وَبِالرَّهْنِ. مِنْ قَبِيلِ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْهِدَايَةُ) . وَالسَّبَبُ فِي قَوْلِهِ جَعْلُ مَالٍ مَحْبُوسًا وَمَوْقُوفًا بَدَلًا مِنْ حَبْسِ وَتَوْقِيفِ مَالٍ إلَخْ هُوَ لِأَنَّ الْحَبْسَ وَالتَّوْقِيفَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، وَلَيْسَ مِنْ الرَّاهِنِ وَأَمَّا جَعْلُ الْمَالِ مَحْبُوسًا وَمَوْقُوفًا فَهُوَ مِنْ الرَّاهِنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَحَيْثُ إنَّ جَعْلَ الْمَالِ مَحْبُوسًا وَمَوْقُوفًا هُوَ نَقْلٌ اخْتِيَارِيٌّ عَائِدٌ إلَى الرَّاهِنِ فَيُمْكِنُ الْقَوْلُ إنَّهُ لَمْ يُرَ لُزُومًا لِتَصْرِيحِ قَيْدٍ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ فِي تَعْرِيفِ الرَّهْنِ، وَعَطْفُ مَوْقُوفٍ عَلَى مَحْبُوسٍ عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ وَالِاسْتِيفَاءُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِهِ فِي التَّعْرِيفِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ شَامِلٌ لِلْكُلِّ وَالْبَعْضِ فَمَتَى كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ أَوْ زَائِدَةً عَنْهُ يَكُونُ الِاسْتِيفَاءُ كُلِّيًّا وَإِذَا نَقَصَتْ عَنْهُ يَكُونُ جُزَيْئًا، رَاجِعْ الْمَوَادَّ (399 و 400 و 401) ، فَبِنَاءً عَلَى هَذَا عِنْدَمَا يَكُونُ مِقْدَارُ الدَّيْنِ زَائِدًا عَنْ الرَّهْنِ وَاسْتِيفَاؤُهُ غَيْرَ قَابِلٍ مِنْهُ لَا يَصِحُّ الِاعْتِرَاضُ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَ الرَّهْنِ الْوَارِدَ فِي الْمَادَّةِ غَيْرُ شَامِلٍ لِلْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَغَيْرُ جَامِعٍ لِأَفْرَادِهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الِاسْتِيفَاءُ عَلَى وَجْهَيْنِ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - الِاسْتِيفَاءُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (760 وَ 761) ، كَمَا أَنَّهُ يَكُونُ

الصفحة 65