كتاب درر الحكام في شرح مجلة الأحكام (اسم الجزء: 2)

بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَا يَكْتَسِبُ حُكْمَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَوْدَعِ كَيَدِ الْمُودِعِ وَطَالَمَا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمْ يَقْبِضْهُ فَلَا يَتَثَبَّتُ حُكْمُ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى الْمَرْهُونِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . بِنَاءً عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ قَبْضٌ بِحُكْمِ الرَّهْنِ إذَا هَلَكَ الْمَالُ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ، وَالْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ بِلَا بَيِّنَةٍ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1774) ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ مُنْكِرٌ الْقَبْضَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ (الْهِنْدِيَّةُ) ، مَعَ أَنَّهُ إذَا أَقَامَ الرَّاهِنُ دَعْوَى بِأَنَّ الرَّهْنَ هَلَكَ بَعْدَ أَنْ قَبَضَ الْمَرْهُونَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ وَادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ تَلِفَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الرَّاهِنِ تُثْبِتُ إيفَاءَ الدَّيْنِ.

تَقْسِيمُ الْقَبْضِ - الْقَبْضُ قِسْمَانِ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْقَبْضُ حَقِيقَةً. كَوَضْعِ الْمُرْتَهِنِ يَدَهُ عَلَى الْمَنْقُولِ وَدُخُولِهِ الْعَقَارَ الَّذِي رُهِنَ بَعْدَ تَخْلِيَتِهِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي - الْقَبْضُ حُكْمًا، وَهَذَا هُوَ أَيْضًا التَّخْلِيَةُ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
التَّخْلِيَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّمْكِينِ مِنْ الْقَبْضِ بِإِزَالَةِ مَوَانِعِهِ (الْعِنَايَةُ وَالزَّيْلَعِيُّ) وَسَبَبُ كِفَايَةِ التَّخْلِيَةِ هُوَ أَنَّ نِهَايَةَ مَا يُمْكِنُ الرَّاهِنَ عَمَلُهُ عِبَارَةٌ عَنْ التَّخْلِيَةِ، وَحَيْثُ إنَّ الْقَبْضَ حَقِيقَةً هُوَ فِعْلُ الْغَيْرِ فَلَا يُكَلَّفُ الرَّاهِنُ بِهِ فَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ إنَّ وَضْعَ الرَّاهِنِ الْمَرْهُونَ بِحَالَةٍ يَتَمَكَّنُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ أَنْ يَقْبِضَهُ بِلَا مَانِعٍ وَإِذْنَهُ بِقَبْضِهِ يُعَدُّ تَسْلِيمًا وَبِهَذَا يُعْتَبَرُ الرَّهْنُ قَبْضًا حُكْمًا كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْبَيْعِ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (263 وَ 264) (الْعِنَايَةُ) ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَرْهُونُ مَنْقُولًا أَمْ عَقَارًا حَتَّى إنَّهُ إذَا أَخْلَى الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ بِحُضُورِ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يَأْخُذْ هَذَا الْأَخِيرُ الرَّهْنَ الْمَنْقُولَ لِيَدِهِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ لِغَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ مَوْجُودٌ فِيهِ وَفُقِدَ يَضْمَنُ الرَّهْنَ بِضَمَانِ الْغَصْبِ (الطَّحَاوِيَّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِدَايَةُ، الْهِنْدِيَّةُ، وَالدُّرَرُ) ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ إذَا كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا يُنْقَلُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا مَا لَمْ يَنْقُلْ (الْخَانِيَّةُ) . وَإِذَا تَصَادَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى وُقُوعِ الْقَبْضِ وَلَمْ يُقْبَضْ الرَّهْنُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَيَكُنْ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْقَبْضِ أَيْضًا، يَعْنِي أَنَّ الرَّاهِنَ يُؤَاخَذُ بِالْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1587) ، حَتَّى إنَّهُ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الْمُرْتَهِنِ بِقَبْضِ الرَّهْنِ، لَمْ يَقُولُوا (رَأَيْنَاهُ وَهُوَ يَقْبِضُ) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَوُجُودُ الرَّهْنِ بِيَدِ الرَّاهِنِ وَقْتَ الدَّعْوَى لَا يَمْنَعُ إثْبَاتَ قَبْضِهِ مُقَدَّمًا، أَوْ الْإِقْرَارُ بِقَبْضِهِ؛ لِأَنَّ يَدَ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ حَالِيًّا تَكُونُ أَيْضًا عَارِيَّةً.، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (749) . (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الرَّهْنِ) . وَبِالْإِقْرَارِ بِالرَّهْنِ لَا يَحْصُلُ الْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ، وَقَدْ فُهِمَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّهُ كَمَا أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَكُونُ لَازِمًا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الرَّهْنِ، فَالرَّاهِنُ أَيْضًا بِإِقْرَارِهِ بِعَقْدِ الرَّهْنِ لَا يَكُونُ أَقَرَّ بِالتَّسْلِيمِ، يَعْنِي بِقَبْضِ الرَّهْنِ، بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يُدْرَجْ قَبْضُ الرَّهْنِ فِي سَنَدِ عَقْدِ الرَّهْنِ لَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِلُزُومِ الرَّهْنِ بِذَلِكَ السَّنَدِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَوْلٌ وَالْقَبْضَ فِعْلٌ فَلَا يَثْبُتُ الْقَبْضُ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْفِعْلِ بِسَنَدٍ لِمُجَرَّدِ ذِكْرِ الْقَوْلِ فِيهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

[ (الْمَادَّةُ 707) الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي الرَّهْنِ]
(الْمَادَّةُ 707) الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي الرَّهْنِ هُوَ قَوْلُ الرَّاهِنِ: إنِّي رَهَنْتُ

الصفحة 87