كتاب درر الحكام في شرح مجلة الأحكام (اسم الجزء: 2)

الَّذِي تَخْتَارُهُ وَاجْعَلْهُ رَهْنًا عِنْدَك مُقَابِلَ الْمِائَةِ قِرْشٍ الَّتِي لَك دَيْنٌ عَلَيَّ وَفَعَلَ ذَلِكَ يَعْنِي إذَا لَمْ يُعَيِّنْ أَيَّهُمَا هُوَ الْمَرْهُونُ وَدُونَ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدُهُمَا وَهَلَكَ الدِّرْهَمَانِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ شَيْءٌ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْخَانِيَّةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ بَابِ الرَّهْنِ) وَجُعِلَ هَذَا بِمُنْزِلَةِ رَجُلٍ عَلَيْهِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَدَفَعَ الْمَدِينُ إلَى الطَّالِبِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقَالَ: خُذْ مِنْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَقَبَضَهَا فَضَاعَتْ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَتَكُونُ ضَاعَتْ مِنْ مَالِ الْمَدِينِ وَالدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ.
خَامِسًا - إذَا أَعْطَى الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ دِينَارَيْنِ وَقَالَ لَهُ: خُذْ أَحَدِهِمَا رَهْنًا فَالْحُكْمُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) وَلَوْ دُفِعَ إلَيْهِ ثَوْبَيْنِ وَقَالَ: خُذْ أَحَدَهُمَا رَهْنًا بِدَيْنِك، فَأَخْذُهُمَا وَقِيمَتَهَا عَلَى السَّوَاءِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَذْهَبُ نِصْفُ قِيمَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالدَّيْنِ إنْ كَانَ مِثْلَ الدَّيْنِ (الْخَانِيَّةُ) .
وَإِذَا أَعْطَى شَخْصٌ لِلْآخَرِ مِائَةَ قِرْشٍ وَقَالَ: خُذْ مِنْهُمَا دَيْنَك الْبَالِغَ عِشْرِينَ قِرْشًا وَتَلِفَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ بِيَدِ الْآخَرِ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَ مَطْلُوبَهُ مِنْهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَسْقُطُ مَطْلُوبُهُ الْعِشْرُونَ قِرْشًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ، الْخَانِيَّةُ) .
وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِقَوْلِهِمْ: رَأَيْنَا أَنَّ الرَّاهِنَ رَهَنَ الشَّيْءَ الْمَجْهُولَ وَسَلَّمَهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَةِ) وَلَكِنْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ الْوَارِدَةُ عَلَى إقْرَارِ الرَّهْنِ الْمَجْهُولِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الرَّاهِنُ بِأَنَّهُ رَهَنَ كَذَا مَالًا وَسَلَّمَهُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَقَرَّ بِارْتِهَانِهِ مَالًا وَلَمْ يَصِفُوا أَوْ يُعَيِّنُوا الْمَرْهُونَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَيُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى بَيَانِ الْمَالِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1579) وَالْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ الرَّهْنِ) .
كَمَا لَوْ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ بَعْدَ إقْرَارِهِ أَخْذَ مَالٍ رَهْنًا أَبْرَزَ دِرْهَمًا وَقَالَ: هَذَا هُوَ الرَّهْنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ الْيَمِينِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَةِ) .
سَادِسًا - يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَرْهُونُ مَجْهُولًا بِدَرَجَةٍ تَقْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ فِي صَدَدِ الضَّمَانِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا رَهَنَ شَخْصٌ رَأْسَيْ غَنَمٍ مُقَابِلَ ثَلَاثِينَ ذَهَبًا وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ مِنْهُمَا مَرْهُونًا مُقَابِلَ عَشْرِ ذَهَبَاتٍ وَالْآخَرُ مُقَابِلَ عِشْرِينَ ذَهَبًا وَلَمْ يُصَرَّحْ أَيُّهُمَا الْمَرْهُونُ مُقَابِلَ الْعَشْرِ وَأَيَّهمَا مُقَابِلَ الْعِشْرِينَ يَكُونُ الرَّهْنُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ هَلَاكِ أَحَدِ رَأْسِ الْغَنَمِ لَا يُعْلَمُ وَجْهُ الضَّمَانِ وَلَا يُعْلَمُ أَيْضًا أَيُّهُمَا يَجِبُ اسْتِرْدَادُهُ إذَا أَوْفَى الدَّيْنَ الْعِشْرِينَ ذَهَبًا مَثَلًا (أَبُو السُّعُودِ حَاشِيَةُ الْكَنْزِ) .
وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مِلْكَ الرَّاهِنِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْآخَرِ بِإِذْنِهِ وَيُطْلَقُ عَلَى هَذَا الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ كَمَا لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ بِدُونِ إذْنِهِ بِالْوِلَايَةِ أَوْ بِالْوِصَايَةِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (701) وَالْمَادَّةَ (708) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّهْنِ) .

الصفحة 98