كتاب درر الحكام في شرح مجلة الأحكام (اسم الجزء: 2)

[ (الْمَادَّةُ 710) شَرْطُ كون مُقَابِل الرَّهْنِ مَالًا مَضْمُونًا]
الْمَادَّةُ 710) :
يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلُ الرَّهْنِ مَالًا مَضْمُونًا فَيَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ لِأَجْلِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَلَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ لِأَجْلِ مَالٍ هُوَ أَمَانَةٌ.
يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الْمَرْهُونِ مَالًا وَمَضْمُونًا بِنَفْسِهِ أَيْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الْمَرْهُونِ جَامِعًا صِفَتَيْنِ: الْأُولَى أَنْ يَكُونَ مَالًا، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ مَالًا مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ.
فَكُلُّ حَقٍّ وُجِدَتْ فِيهِ هَاتَانِ الصِّفَتَانِ يَصِحُّ الرَّهْنُ مُقَابِلَهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ تُوجَدْ فِيهِ الصِّفَتَانِ أَوْ فُقِدَتْ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ فَالرَّهْنُ الَّذِي مُقَابِلُهُ لَا يَصِحُّ.
وَيُسْتَفَادُ حُكْمَانِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ:

الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: إذَا كَانَ مُقَابِلُ الْمَرْهُونِ مَالًا مَضْمُونًا فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَيْهِ يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ لِأَجْلِ الدَّيْنِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَالثَّمَنِ الصَّرْفِ، وَبَدَلَ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالدِّيَةِ وَالْأَرْشِ وَبَدَلَ الْإِجَارَةِ، كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ وَيَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ أَيْضًا لِأَجْلِ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِمِثْلِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا مِثْلَ الْمَالِ الْمَقْبُوضِ بِطَرِيقِ سَوْمِ الشِّرَاءِ مَعَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ (الدُّرَرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْعَيْنِيُّ، وَالزَّيْلَعِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مَضْمُونٌ بِنَفْسِهِ كَمَا وَرَدَ بَيَانُهُ فِي الْمَادَّتَيْنِ (890 و 891) يَعْنِي يَلْزَمُ تَسْلِيمُهُ عَيْنًا إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَتَلْزَمُ قِيمَتُهُ إذَا كَانَ مِنْ الْقِيمَاتِ وَيَلْزَمُ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ عِنْدَ اسْتِهْلَاكِهِ وَهَاكَ تَفْصِيلُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ.
فَحُكْمُ الرَّهْنِ مُقَابِلُ الدَّيْنِ ذُكِرَ إجْمَالًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (709) وَيُفَصَّلُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) أَيْضًا وَوَرَدَ بَعْضُ التَّفْصِيلَاتِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (701) بِخُصُوصِ الرَّهْنِ مُقَابِلَ بَدَلِ الْإِيجَارِ وَذُكِرَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مُقَابِلَ بَدَلِ الْإِيجَارِ.
الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ - إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَأْخُوذُ مُقَابِلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَمْ بَعْدَهُ فَلَا يَبْطُلُ عَقْدُ السَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي الْمَجْلِسِ فَإِذَا تَلِفَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ اسْتَوْفَى الْمُسْلَمَ فِيهِ هَذَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ كَافِيًا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ وَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ السَّلَمُ تَامًّا.
(الزَّيْلَعِيُّ، وَشِبْلِيٌّ، وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ) .
الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْبَدَلِ الصِّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ - إنَّ الرَّهْنَ الْمَأْخُوذَ مُقَابِلُ الْبَدَلِ الصِّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إذَا هَلَكَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ يُعَدُّ الْمُرْتَهِنُ اسْتَوْفَى الْبَدَلَ الصِّرْفَ وَرَأْسَ مَالِ السَّلَمِ.
هَذَا إذَا كَانَ بَدَلُ الْمَرْهُونِ كَافِيًا لِلْبَدَلِ الصِّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يَكُونُ مَوْجُودًا فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي عُقِدَ فِيهِ السَّلَمُ وَالصَّرْفُ وَإِذَا هَلَكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ يَكُونُ الصَّرْفُ وَالسَّلَمُ بَاطِلَيْنِ إذْ لَا يَكُونُ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ وَبَدَلُ الصَّرْفِ قَبْضًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ حَقِيقَةً كَمَا هُوَ مَشْرُوطٌ وَلَا يَكُونَانِ قَبْضًا أَيْضًا حُكْمًا.

الصفحة 99