كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 2)

المجلد الثاني
كتاب الصلاة
مواقيت الصلاة
...
كتاب الصلاة:
لما انقضى الكلام على الطهارة التي هي أوكد شروط الصلاة، أتبع ذلك بالكلام على بقية شروط الصلاة وأركانها وسننها ومستحباتها ومبطلاتها والكلام على بقية أحكام الصلاة وأنواعها، وجرت عادة الفقهاء بتسمية هذه الجملة بكتاب الصلاة وقسم الكلام عليها في المدونة وغيرها في كتابين. واختلف الشيوخ في تقسيمه في المدونة وغيرها مثل هذا إلى كتابين وإلى ثلاثة. فمنهم من قال للصعوبة وعدمها ومنهم من قال لكثرة المسائل وقلت: ها ومنهم من قال لهما معا نقله ابن ناجي في شرحها وتقدم الكلام على الكتاب والباب والفصل: وأن المصنف يجعل الأبواب مكان الكتب ويحذف التراجم المضاف إليها الأبواب والصلاة في اللغة الدعاء قاله الجوهري وغيره ومنه قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103] أي دعواتك طمأنينة لهم. وقالوا اتخذ الله وقوله تعالى: {وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ} [التوبة: 99] أي أدعيته، وكان صلى الله عليه وسلم إذا جاءه الناس بصدقاتهم يدعو لهم قال عبد الله بن أبي أوفى جئت مع أبي بصدقة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم صل على آل أبي أوفى" قال النووي: وهذا قول جماهير العلماء من أهل اللغة والفقه وغيرهم
قلت: وبهذا فسرها ابن رشد والقاضي عياض وغيرهما من المالكية وغيرهم. قال بعضهم: هي الدعاء بخير. ثم قال في الصحاح: والصلاة من الله التقليد وقال النووي قال العلماء والصلاة من الله تقليد ومن الملائكة استغفار ومن الآدمي تضرع ودعاء وممن ذكر هذا التقسيم الإمام الأزهري وآخرون وقال في الشفاء قال أبو بكر القشيري الصلاة من الله لمن دون النبي تقليد وللنبي تشريف وتكرمة وقال أبو العالية صلاة الله عليه ثناؤه عليه عند ملائكته وقال بعضهم وتستعمل الصلاة بمعنى الاستغفار ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "بعثت إلى أهل البقيع لأصلي عليهم" (1) فإنه فسره في الرواية الأخرى قال : "أمرت لأستغفر لهم". وتستعمل بمعنى البركة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم صل على آل أبي أوفى" (2)وتستعمل بمعنى القراءة ومنه قوله تعالى {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110].
ـــــــ
(1) رواه أحمد في مسنده (6/92).
(2) ) رواه البخاري في كتاب الدعوات باب 32. أبو داود في كتاب الزكاة باب 7. النسائي في كتاب الزكاة باب 13. ابن ماجة في كتاب الزكاة باب 8. أحمد في مسنده (4/355. 353).

الصفحة 3