كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 2)
..............................................................................................
ـــــــ
ومنه الحديث لا يزال الرجل معنقا ما لم يصب دما(1) يعني متبسطا في سيره يوم القيامة انتهى وقال الأقفهسي في شرح الرسالة اختلف العلماء هل الأذان أفضل أم الإقامة أفضل والمشهور أن الإمامة أفضل ونحوه للبرزلي وزاد فقال للاحتجاج للقول بأن الأذان أفضل وإنما تركه النبي صلى الله عليه وسلم عليه لأنه لو قال حي على الصلاة ولم يعجلوا لحقتهم العقوبة لقوله: تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} (النور: من الآية63) وأما الخلفاء فمنعهم عنه الاشتغال بأمور المسلمين قال عمر لولا الخلافة لأذنت انتهى وقال الشبيبي في شرح الرسالة واختلف العلماء أيما أفضل الأذان أو الإمامة فقيل: الأذان أفضل واختاره عبد الحق وقيل: الإمامة أفضل وقيل: هما سواء وقيل: إن كان الإمام توفرت فيه شروط الإمامة فهو أفضل وإلا فلا انتهى وظاهر كلام المصنف رحمه الله تعالى أن الأذان سنة مطلقا وأنه لا يجب في المصر وهو ظاهر كلام ابن الحاجب وغيره وظاهر كلامه في التوضيح وهو خلاف ما جزم به ابن عرفة وجعله المذهب ونصه الأذان يجب على أهل المصر كافة يقاتلون لتركه أبو عمر روى الطبري إن تركه أهل مصر عمدا بطلت صلاتهم وروى أشهب إن تركه مسافرا عمدا أعاد صلاته.
قلت: هذا الذي عزاه عياض لرواية الطبري قال وهو نحو قول المخالف بوجوبه وفي كونه بمساجد الجماعة سنة أو واجبا طريقا والبغداديين والشيخ وفي الموطأ إنما يجب في مساجد الجماعات المازري فسر القاضي الوجوب بالسنة وغيره السنة بعدم الشرطية انتهى وقال الأبي في شرح مسلم والمشهور أن الأذان فرض كفاية على أهل المصر لأنه شعار الإسلام فقد كان صلى الله عليه وسلم إن لم يسمع الأذان أغار وإلا أمسك واختلف في وجوبه بعد ذلك في مساجد الجماعات للإعلام وبدخول الوقت وبحضور الجماعة فأوجبه في الموطأ وقال بعض أصحابنا وبعض أصحاب الشافعي وجمهور الفقهاء وعامة أصحابه إنه سنة مؤكدة والأول الصحيح لأن إقامة السنن الظاهرة واجبة على الجملة لو تركه أهل بلد قوتلوا لأن معرفة الوقت فرض كفاية انتهى وقال في الإكمال قال أبو عمر بن عبد البر لم يختلفوا أن الأذان واجب في الجملة على أهل المصر لأنه شعار الإسلام قال بعض شيوخنا أما لهذا الوجه ففرض على الكفاية وهو أكثر مقصود الأذان إذا كان عليه الصلاة والسلام إذا غزا فإن سمع أذانا أمسك وإلا أغار فإذا قام به على هذا واحد في المصر وظهر الشعار سقط الوجوب وبقي المعنى الثاني بتعريف الأوقات وهو المحكي الخلاف فيه عن الأئمة والذي اختلف لفظ مالك وبعض أصحابه في إطلاق الوجوب عليه فقيل: معناه وجوب السنن المؤكدة كما في غسل الجمعة والوتر وغيرهما وقيل: هو على ظاهره من الوجوب على الكفاية إذ معرفة الأوقات
ـــــــ
1 رواه أبوداود في كتاب الفتن باب 6.